الوحدة: ٣١-٥-٢٠٢٣
تحمل كتبها وأقلامها وتسير على عجلٍ، فتخيّلتها تتسلّق حبال المستقبل, تارةً صعوداً وأخرى هبوطاً، وذلك يعود لحركة الهواء وشدّته. لكنني لمحتُ شابّاً يختصر عليها الأمنيات بكلامه المعسول العطر.
هو لا يتوقّف عن الكلام، ولا ينتظر ردّاً، وهي في حال من الارتباك الشديد، فيسقط قلمٌ، وعلى بعد خطوات يسقط دفتر.
تنظر للأرض، ثم في كلّ الاتجاهات وتتمتم، وكأنها تقول: قلمٌ واحدٌ لا يهم، وسقوط دفتر لا يعني هزيمة المعرفة.
أخرجت هاتفها النقال وراحت تتحدث، فيما الشّاب يقطر بكلماته وعسله.
نسيت نفسي كما نسيا نفسيهما، وكنّا ثلاثتنا أمام باب المدرسة.
لماذا انغلق الطريق بذلك الباب؟
لماذا لم تدخل الفتاة مدرستها؟ ولماذا الشّاب لم يتوقف عن كلامه؟
هل هو أنا؟
لم لا ؟! ربما الحبال لم تعد للتسلّق، وكل شيءٍ اختبأ في الماضي.
تلتفت الفتاة نحوي وتقول: إطراء الشّاب لي وحدي، فهو وأنا (طنين النحل على الأزهار) أما أنت فنورسٌ هرم يبحث في بحره المتعب عن شبه سبب يعيش لأجله.
سأؤمن بالأمنيات، وسأتخيل أنني عدت شاباً صغيراً، سأعود شاباً يظن أنه سيملك من هذا العالم أجمله، وسيملأ خطواته بجرار الماء، فمع كل خطوة ينبت الاخضرار وتتفتح الأزاهير.
كم هي الخطوات والكلمات والأمنيات موجودة بيننا ولا ننتبه؟!
كم هي الأشياء التي تنمو وتجري في دواخلنا ولا ننتبه؟!
كم من صديق عزيزٍ نسيناه ونسينا ولم ننتبه؟!
كم من قادمٍ لا نستعدّ ولا ننتبه؟!
وكما تحنُّ العصافير لشدوها، عدت منزلي، وكأنني لم أرَ ولم أسمع.
سمير عوض