الوحدة: ٢٤-٥-٢٠٢٣
أغمضت عينيّ، وتناولت لوناً واحداً أملأ به جعبتي الربيعية، وأمضي في العودة: فكرت في انتقاء شارعٍ بعينه يكفيني اجتيازه ليس إلا، لكنّ الاحتياجات اليوميّة الملحّة من هذه الشّوارع تجبرني على استخدامها واستخدام أشباهها، وحتّى اللجوء للأزقة والحارات المغلقة.
أخيراً: وجدت تعميماً رسميّاً بعطلات الأعياد مجتمعة، وهي تتسابق في (ماراثون) قلّ مثيله وكثرت مصاريفه.
لم أفلح في انتقاء أحدها كعيدٍ يسقط عنّي باقي الأعياد, فآثرت البحث عن بوّابة رحيل مؤقتة، فكانت تلك البوّابة ضيّقة، وستضيق أكثر عند العودة؟!
يا لذلك الرّحيل الّذي لا ذهاب فيه ولا عودة، وأنا الذي أجد الغيوم تتلون، ولكل غيمة لونها، مع أنّ المطر واحدٌ، هكذا نحن البشر, لكلّ لونه، ولا نعدو كوننا سوى بشرٌ.
– تلك الألوان لا تقيم ربيعاً، فالروح هي التي تعبق وتفوح، وهي التي تدفن الهموم من الرأس حتى أخمص القدمين، وعسى أن أتوازن بحلم يتساوى فيه الجيد مع السيئ, فلا حزن ولا فرح, كالسلالم وهي تتيح الصعود والهبوط معاً.
ولأنني أشبه بملاكمِ قفازاه من خزفٍ اضطررت رمي جعبتي صوب تلّةٍ صغيرةٍ من القمامة والفضلات المنزليّة. ممّا أدّى وكنتيجة للاصطدام خروج جرذانٍ كبيرةٍ تشكّل خطراً على القطط وتطاردها جرأة وتمويهاً, فانسحبت إلى غصنٍ يعانق غصناً, وهدوءٍ يمتصّ صخبي الدّاخلي كتائه يفرح للقاء من يدلّه.
هكذا كان حلمي, ويا ليتني لم أخرج منه, فأنا لم يعد لديّ ما يكفي من أحلام لا تلعب فيها الجرذان.
سمير عوض