الفنان التشكيلي حسين صقور: هناك ولادة جــديدة للفينيق بعد كل احــتراق

العدد: 9346

14-5-2019

 

معظم أعمال (الفينيق) تحتمل القراءة في أكثر من اتجاه، فالأشكال تسبح في فضاء العمل وتتداخل في الشكل الإنساني ضمن عمليات التحوير والتبسيط لتخلق شكلاً جديداً يقترب من حدود التجريد، أو هو تجريد من نوع خاص يحمل نفحات تعبيرية، عضو اتحاد الفنانين التشكيليين، أقام العديد من المعارض الفردية منها: إيقاعات نازفة، أغاني التراب، وشارك في معارض جماعية وملتقيات ومهرجانات منها: إهدن، المحبة، البحر، المونو دراما، أعماله مقتناة من وزارة الثقافة، متحف الفن السوري الحديث، محافظة اللاذقية وفي عدة بلدان وضمن مجموعات خاصة.
يكتب القصة والشعر (قصص من زمن الحرب) (كتاب حين تشتعل الحروف)، شارك في عدة أمسيات أدبية ومهرجانات وفاز بعدة جوائز، له عدة مجموعات نقدية وقصصية وشعرية، إنه الفنان التشكيلي حسين صقور الملقب بـ (الفينيق)..

* تردد دائماً: أنا لست قريباً، ولست بعيداً عن الساحة التشكيلية كيف توضح هذا التناقض؟
** ربما في لحظة ما استسلمت لحالة من الإحباط والكآبة، وكان لسان حالي يقول: ربما تفوقت الكآبة وانتصر الموت مع واقع أكثر مرارة ومؤسسات تجعلنا حيارى،
والحقيقة حين كانت تتراكم الكلمات المقهورة كنت أسعى دوماً لألبسها ثوب المحبة، وأخرجها على هيئة عمل أدبي أو فني يستمتع فيه الآخرون، وكان تصويري للواقع يسلك ذاك الخط غير المباشر، بمعنى كنت أريد أن تنصت لنصي القلوب وتحلله العقول، كنت أريد أن يصح المسار، وأن ينبه الأفكار أن ينبش دون أن يخدش، وأن يفتح دون أن يحرج، كان وقودي جراحاً لا تنضب، وكان اشتعالي ناراً لا تكذب،وعلى أرض الواقع كان الحنظل هو الفاكهة الأكثر حضوراً لذلك أنا لست بعيداً ولست قريباً، الانشغالات الحياتية لا تخفى على أحد ولكن دوماً هناك ولادة جديدة للفينيق بعد كل احتراق.
* هل تعاني صعوبات في نشر ما تكتبه؟
** منذ سنوات كنت أكتب بغزارة في الأدب والشعر والنقد التشكيلي السوري، وكنت ولا زلت أعاني صعوبات النشر في حين رحبت بمنشوراتي الصحف العربية وطلبوا مني الكتابة عن فنانين عرب، لكنني كنت أفضل دوماً الكتابة عن الفن هنا خاصة في المجلة الفصلية المتخصصة في الحياة التشكيلية.
* برأيك، هل للتواصل الاجتماعي (الفيس) دور إيجابي في مسألة انتشار الفنان؟
** نحن جميعاً أبناء آدم وحواء، أبناء الحياة والعلاقات والشراكات، خُلقنا لنبني ونعمر، وليس لنهدم وندمر، طبعاً للفيس أهميته ودوره البّناء إن لم يتحول إلى هزل وسخرية ومساحة للنزاع، إن المنشورات والتفاعلات تعكس المستوى الثقافي والأخلاقي والاجتماعي لأصحابها ولازال البعض يتابع نشاطه على الفيس كجزء من الحياة، وتراجع النشر والتفاعل عند آخرين لأسباب عديدة منها: ظروف خاصة، ومنها رد الفعل تجاه السطحية التي يمتاز بها مجتمع الفيس، في النهاية هو متنفس وكاشف لحقيقة الفيسبوكيين وشخصياتهم، منذ فترة توالت المنشورات الهجومية على الفنان نزار بدر الملقب بـ (صافون) ما قرأته من عبارات أطلقها بعض الفنانين كشف حقيقتهم، وليس حقيقة النحات، فهو على أقل تقدير أفضل من كل من هاجمه /من وجهة نظري ونظر الكثيرين/ وهم كانوا الأقرب إلى المشاركات الداخلية والخارجية، نزار صافون كان نحاتاً متميزاً قبل أن يتحول إلى فنان تركيبي وتحوله هذا تابع لتلك الرغبة العارمة بداخله في إنتاج المزيد من الصور والتكوينات التي لا يسمح الوضع المادي بتنفيذها كأعمال دائمة، أيضاً هناك من يتهم النقاد عن طريق الفيس بوك ويصورهم بالمرتزقة وهذا معيب فأنا أحياناً أكتب دون أي مقابل مادي، لذلك قبل الكتابة عن طريق الفيس يجب التحلي بالأخلاق أولاً والصدق والابتعاد عن المهاترات ثانياً.
باختصار، أعيد كلماتي التي قلتها سابقاً، مكنونات.. عجزت عن إدراكها الكلمات ربما ملت الإفصاح.. وربما كان الصمت الخير الوحيد المتاح و… لو كان الصدق قميصاً لما تعرت الذكريات.

* ماذا عن المعارض السنوية، وما هو أفضل مكان لحفظ النتاج الفني؟
** تقوم المعارض على أكتاف بعض الفنانين الذين يحرصون على تقديم الجديد (وهم قلة) بالمقابل هناك أسماء لازالت تعرض العمل ذاته منذ أكثر من عشر سنوات، وأعتقد أن هذا بات واضحاً للجميع، وحقيقة الأمر أن المصلحة الشخصية تتلاقى مع الصالح العام ومع الهدف الأسمى ألا وهو تغطية غنية شاملة تركز على التنوع والنضج، وعلى مكامن التجديد والاختلاف في روح الأجيال اللاحقة التي ظلمها الغلاء وظلمتها الحرب والأقدار، وأحياناً تحييدها قدر المستطاع من المخجل الإصرار على إخفاء وطمر كنوز حقيقية في محاولة واهمة إما لتكريس نجومية مستهلكة أو تكريس شعور ذاتي بالاستكانة لتبعيتنا الفنية مما يبعث في ذاتنا الكسولة شعوراً بالارتياح أرجو أن نبتعد قدر الإمكان عن الرتابة وعن الجمل المعادة فالتكرار لا يحتمل الإفادة.
من وجهة نظري، الظهور المتكرر للفنان له أثر سلبي كالغياب الطويل، وإن كان الأمران غير مستحبين، المعرض السنوي يعتبر من أهم المعارض في القطر، ولا يخفى على أحد ما يتكلفه المشارك لإيصال عمله وللمشاركة عدا عن تكاليف أخرى، لذلك أعتقد أن الميزانية يفترض أن تكون محسوبة لصالح اقتناء جميع الأعمال المشاركة والمقبولة وبالسعر المناسب والذي تستحقه، بالنسبة لأفضل مكان هو متحف الفن الحديث فهو الإرث المستقبلي وما أرجوه أن تكون هناك خطة ليغتني بالإبداع الذي يستحقه، وليطال أكبر قدر من أعمال الفنانين.
* كيف نعزز موضوع النقد الفني؟
** تمنيت وطالبت باجتماع لجمعية النقاد لضمان حق الناقد، وأن يتم تفعيلها في الاتحادات الفرعية لممارسة دور الناقد ومتابعة الفنانين ومعارض المحافظة، ولازال الاتحاد يطالب الفنانين بتسديد الاشتراكات، ولازلت أعيد حساباتي منذ سنوات، طبعاً النقد يجب أن يكون بهدف رفع سوية العمل أي النقد البّناء، ويبتعد عن الرغبات الذاتية والمصالح الشخصية أطالب دوماً بجمعية تحمي الناقد من جهة، وترسم العلاقة ما بين الناقد والفنان من جهة أخرى وتكون بمثابة جواز يضمن للناقد حقه بالنشر في الصحافة.
* كيف ترى واقع التشكيل الحالي في سورية؟
** حتى لا يفهم كلامي كقصة أدبية أتلاعب من خلالها بالمفردات سوف أسعى لأكون أكثر وضوحاً، منذ عشرين عاماً وإلى الآن كم اسماً جديداً استطاع المهتم بهذا المجال والمتابع أن يحفظ في مجالات الثقافة فن وأدب؟ وهل التقييم لتلك الأسماء الموجودة على الساحة تابع لمتابعة حقيقة؟ هل هو تابع لقيمة نتاجهم؟ أم لكثرة حضورهم؟ من المخزي من وجهة نظري أن يكون الفن مرتبطاً بالقدرات المادية والعلاقات…
ومن المؤسف أن يصير المكثر المقل أكثر حضوراً، في حين تموت الكنوز الحقيقية بعيداً عن الضوء، إن بينالي الشباب في مهرجان المحبة الذي أقيم في اللاذقية منذ ما يقارب العشرين عاماً، كان من أهم المعارض التي أقيمت والتساؤل الذي يطرح نفسه هنا: أين تلك الأسماء؟ هل هي متواجدة على الساحة الفنية؟! نتمنى أن يكون واقع التشكيل السوري في أحسن حال على الدوام.

رفيدة يونس أحمد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار