العدد: 9346
14-5-2019
أشياء دهتْ الناس، وسعار يجيش في الرؤوس ويغتلي، جلّهم قلقون، هم في شيء من عدم الرضا، عمّا هم فيه وما آلوا إليه، يبدون نزوعاً واضحاً نحو التحوّل من ميدان إلى آخر، ومن موقع إلى موقع…
إذا كان المرء فيما مضى يتفاخر ويتمسّك بشدة لما حصل عليه ووصل إليه، معتبراً ذلك ظفراً لشيء سعى إليه وبذل جهداً وصبر الوقت حتى حققه.
وتخليه عنه ليس بالسهل والمراد فعله، فهو مرحلة من عمره الثمين.. لذا كان ذلك إحساس وشعور بنعمة الاستقرار والارتياح ومنتهى الرضا.
أمَّا اليوم فالنفوس مسكونة ومشحونة بالقلق، والبعض راضٍ حتى بالمغامرة والمجازفة..
ما الذي يمكن أن نسمي ذلك النزوع لدى الناس في مسعاها إلى التحوّل؟ أهو طموح أم إحساسٌ بعدم التلاؤم مع النفس والحال؟
أم هي الرغبة في التغيير؟
أم بتأثير ما نشاهده ونعيشه أو نقرأ عنه من أخبار الآخرين في أماكن أخرى؟؟
إذا لم نستطع النجاح حيث نحن، أيمكننا تحقيقه في أي مكان آخر؟ لربما يبدو ذلك مستساغاً ومقبولاً عند أولئك الساعين في لهفة إلى التحوّل وترك ما هم فيه، هل بمقدور المرء أن يفلح ويجيد أكثر من عمل في آن معاً، وأن ينجح حيثما وضع؟ أم أنَّ هناك شيئاً يتعلق بعدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب..؟
لقد ضاقت الأخلاق بأهلها، فمن كظم رغبات حبيسة احتقنت بها النفس ولم تجعلها منطلقاً، وأخرى غادرت موقعها إلى غير رجعة، والبعض من طغيان التفاهة التي ضخمت الأزمات الطفيفة وأحالتها إلى مستنقعات وبحيرات مكدَّرة أغرقت فيها أفراداً وجماعات.. لكن ما يبقى في النفس ويمسك عليها وادعة آمنة في طمأنينة، هو بريق أمل تعلل بها حالها.. بعيداً عن النزوع إلى التحوّل.
بسام نوفل هيفا