«طــبول فـــارغة».. ضـــجيج وصــخب الكــذب والطــمع والنفّــاق

العدد: 9346

14-5-2019

 

بين أيدينا اليوم نصٌّ مسرحيٌّ ألّفه الكاتب أمير سلوم يحمل عنوان (طبول فارغة)، وهو مسرحية بفصلين، تدور أحداثها في بيت يقع بحيّ شعبيّ متواضع، يصف لنا الكاتب في مقدمة كتابه تفاصيل المكان الذي يضمّ تلفازاً وطاولة ومجموعة كراسٍ، إضافة إلى أنواع من التبوغ الرخيصة، وصوت أمّ كلثوم يتعالى في فضاء الغرفة (المسرح)، ويبدأ المشهد الأول بولوج سيدة بهو الغرفة وفوق ثيابها ترتدي (صدارة) ثم تبدأ عملية التنظيف وتجلس على الأريكة المجاورة للطاولة وقد اغرورقت عيناها بالدموع، تندب حظّها والماضي ثم تتابع التنظيف، وهذه السيدة تمثل دور (الزوجة) وهي امرأة مخادعة، كبيرة في السنّ، ظالمة متحكّمة متجبّرة متسلّطة، تستأثر بآرائها وتحاول فرضها بالقوّة، تشغل المادّة تفكيرها، وتسعى ليلاً نهاراً لتأمين زوج ثري لابنتها، تقبر الفقر على يديه.

أما باقي شخصيات المسرحية فهم: الزوج الذي أتعبته الحياة وأشابت نصف شعره، يتّصف بالغباء والطاعة العمياء لزوجته، لا حول له ولا قوة، مستمعٌ من الطراز الرفيع، قليل الكلام، يحاول أن يجد لنفسه مكاناً في بيته لكن سطوة زوجته تقصيه، يعمل جاهداً على إرضائها وكسب محبتها وغفرانها.
(دعّاس) جابي الضرائب، يطلّ على أهل البيت في فترات متقاربة، ويصرّ بإلحاح شديد على قبض قيمة الضرائب والفواتير، يعمل من أجل لقمة العيش وأداء واجبه الوظيفي على أكمل وجه، يحكّم ضميره فهو رقيبه.
(سيسي) الابنة، فتاة مراهقة في مقتبل العمر، تضجّ حيوية وأنوثة، هاجسها الوحيد تأمين (عريس) ثريّ، ذي منصب رفيع، تعيش معه حياة الرفاهية والرغد الطيب، بلا هموم، يلبي جميع متطلباتها واحتياجاتها ويحقق لها أحلامها، تسيّرها أمها على هواها كيفما تشاء، لا تهمها أخلاق زوج ولا سمعته، إنما همّها الشاغل المال فقط، ولا مانع من أن يتبوأ منصباً مرموقاً، وأن يكون ذو مكانة في المجتمع، ولعلّ هذه المواصفات جميعها متوفرة في (أديب الحامض)، الشاب المثقف المتعلّم، صاحب المركز الحكومي، الذي سيغدقها بالحليّ والذهب والثياب الفاخرة، وهو فارس الأحلام المنتظر لأيّ فتاة.
ومن شخصيات المسرحية أيضاً السمسار عبد الفتاح الذي أسكرته خمرة الحياة وتاه في غياهب الكذب والنفاق والمقامرة، أما الشرطي القادم لقمع المخالفات وكتابة الضبوط، يمارس دوره على أكمل وجه كموظف يطبّق القوانين والأنظمة.
(طبول فارغة) نصّ مسرحي جدير بالاهتمام، يحاكي الواقع ويعايشه، يمكن إسقاط أحداثه ويومياته على أي زمان وفي أي مكان، طالما الجشع والطمع والكذب صفات باقية ما بقيت الحياة، نأمل أن يبصر النور، ويجد فرصته باعتلاء خشبة المسرح ويلقى حضوراً وصدىً لافتين.

ريم جبيلي 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار