بين الشخصية والعلمية

العدد: 9346

14-5-2019

 

انطلاقاً من أهمية التربية لاسيّما في مجتمعات تمتلك مقوّمات البناء والبقاء، وانطلاقاً من العلم الذي يرفع قيمة الإنسان ويجعله حيّاً على مرّ الزمان ويحييه في كلّ مكان، انطلاقاً من التربية على المستويين الهامين في البناء حيث بناء الشخصية من جانب وبناء العقل العلمي والتفكير النقدي من جانب آخر، أبدأ حيث يعمل الكثير ممن لا يطّلع على ثقافة التربية ومنطلقات التربية سواء القديمة منها أم الحديثة وحيث النظريات والمدارس التي انتشرت على مدار الأزمان وكانت تجارب رائدة بحق أن نقلّدها أو نحذو حذوها.
إنّ المفهوم العام للتربية لا يقتصر – كما يظنّ البعض – على التعليم والتدريس فهذا شأن مختلف عمّا نخوض الحديث فيه فالتربية إنّما تقوم على تعزيز القيم الإنسانية المفطور عليها الإنسان بفطرته الأولى والتي لا تُعدّ ولا تُحصى لكنّها تُختصر تحت عنوان واحد ألا وهو محبّة الإنسان، أو لنقلْ تتلخص في رسالة السماء إلى الأرض، تلك الرسالة التي تقوم على كلمة واحدة فقط ألا وهي (المحبّة) نعم إنّ رسالة السماء إلى الأرض وبني البشر إنّما هي المحبّة، نعم هي التربية التي تنطلق من البدء الإلهي لتعود إلى التكوين الإلهي حيث الصورة المُثلى للاسم الأعلى، هذا في المفهوم الحقيقي للتربية الإنسانية حيث تعزيز مفهوم الإنسان وثقافة الإنسان وأنسنة كل ما يحيط به.
وأمّا الجانب الآخر الذي يعمل عليه البعض وهو مكمّل للأول ألا وهو بناء الشخصية العلمية الشخصية التي تمتلك الوعي العقلي والتفكير النقدي القائم على الموضوعية في التعامل مع الآخرين وهنا لبّ الموضوع في الشخصية العلمية حيث يُدرك صاحبها أنّ الآخر موجود وهو موجد الوجود وإنْ كان قبل الوجود أوّل وبدء وحقيقة الموجود.
لذا يجب الانتباه إلى أهمية العمل على منحيين أساسيين في تربية الأبناء وتأسيس المجتمعات على مرتكزات حقيقية لها ما لها من الأهمية حتّى نصل إلى الحقيقة الكبرى القائمة على أنّ الإنسان الحقيقي غير الزائف إنّما يكمن بين الشخصية والعلمية.

نعيم علي ميّا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار