الوحدة: ٢٣-٤-٢٠٢٣
هي نصوص خاضت مع السماء محادثة مفتوحة..
باذخة التعبير إضاءة على المجموعة الشعرية “ديوان عبد الله عيسى”، ورؤيا جمالية تفوق الوصف والتعبير !!، سرمدية السرد والمعنى ..
حين تقرأ نصوص الشاعر العربي الفلسطيني “عبدالله عيسى ”
تشعر بمتعة من يمشي على خط الاستواء بقدم واحدة، دون أن يخاف فعل السقوط !!
تعتريك الدهشة..كيف ينتقي المبدع الدكتور عبد الله عيسى مفرداته، وكيف يكتب آلامه بالضوء، والعطر، والحنين ..
يمطرك لؤلؤ اللغة العصي على التقليد..وتحت مظلة الشعر الفريد تتساءل ..أي سحر تختزنه السطور، والصور وقد فاضت ببهاء الكون ونقائه !!
في إهدائه إلى الأم ..تتجلى أسمى آيات الطهر ، ويصير للغة جناحان من نور وضياء ..
“إلى فوزية الحسن ..أمي، أم السوسن والخبيزة ”
هي الأم، والأرض، والوطن الذي لايغيب من وراء المسافات ..ووصاياها حية باقية في الوجدان، سرمدية العطاء والوجود ..
وفي قصيدته (حارس البيت)، يفيض الشوق من أسوار الروح واللغة، ويقطر عسل الحنين من شهد الصور والكلمات:
” يا أبتي!
كلما زرت قبرك
هل ذلك العشب قلبي، أم كان قلبك؟”
وبحزن ملائكي يكتب عبد الله عيسى عن غربة الروح، لتشعر أنه أيل جريح يمشي فوق ثلوج الذاكرة، يوقظ فيها ماكان كامناً من شجون، وآمال، وأمنيات :
“أنا الغريب هنا
أنا الغريب هناك
كالنبي في أهله”.
يكتب الشاعر عبد الله عيسى عن أرواحنا المتعبة في كل زمان ومكان، عن توقنا الدائم إلى الانعتاق من سجن اللغة وأسوارها، عن جراحنا التي تحولت إلى مرافىء حزن وحنين لاتشيخ:
“ضيقة روحنا في العبارات
واسعة في العويل”.
تتميز مفردات الشاعر عبد الله عيسى بالغنى والتنوع الذي لايقع في مطب التكرار أبداً ..
وكلما قرأت نصوصه، تشعر أنك تقرأها للمرة الأولى، والدهشة الأولى..
هي كمعظم الأعمال الأدبية الخالدة التي تعود إليها في كل حين، لكي تشعر أنك لازلت على قيد الأمل، والنبض، والحياة ..
تعد مجموعة الأعمال الشعرية “ديوان عبد الله عيسى” بجزأيها الأول والثاني، الصادر عن الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، تجربة شعرية غنية وفريدة، وسرداً متكاملاً أبطاله الزمان والمكان والأهل والأحبة، والأرض “فلسطين الحبيبة” التي تحتفظ بطهرها وقداستها على مر الزمان، حتى وإن حاول المغتصبون تدنيسها ..لكن عبثاً!!
منى كامل الأطرش