الوحدة : 14-4-2023
إن القادة العظماء والرجال الاستثنائيين يمتازون بدورهم البارز في إيقاظ أبناء أمتهم، وإنارة الطريق لهم، وتوجيههم إلى القضايا الجوهرية بعيداً عن الأوهام والأحلام ليرتقوا بهم إلى قمم العزة والاقتدار، وهذا ما قام به مفجر الثورة الإسلامية في إيران الإمام روح الله الموسوي الخميني (رحمه الله) الذي سعى إلى تصحيح بوصلة شعوب المنطقة، و أعاد توجيهها نحو قضيتها المركزية وهي تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني الغاشم الذي كان سماحته يعدُّه أساساً لكل ما تعاني منه بلداننا و شعوبنا من فتنٍ و حروبٍ ومؤامراتٍ تهدف إلى الهيمنة على سيادتنا، و السيطرة على مقدراتنا، فقد كان سماحته يؤكد دائماً على أن ثورته المباركة لن تكتفي بطرد الصهاينة من طهران ومن جميع أرجاء إيران، ولكنها ستواصل النضال حتى إزالة هذه الغدة السرطانية من الوجود نهائياً، وقد كان على يقين كامل بأن القدس ستتحرر ولو بعد حين، فقد أعطى الإمام الخميني (رحمه الله) مسألة تحرير فلسطين كل الاهتمام الذي تستحقه، واعتبرها مسألةً إنسانية وعقائدية وقومية ووطنية، كما أنه كان ينبِّهُ في كلماته وبياناته إلى خلفيات الصراع مع العدو الذي يجثم في قلب الأمة ويتمدد في كل الاتجاهات لينهش من لحمها ويقطع من جسدها، و يبيِّـن أن صراعنا مع العدو الصهيوني هو صراع حضاري فكري قبل أن يكون صراعاً عسكرياً و سياسياً، فبعد إسقاط الشاه أضحت قضية تحرير فلسطين هي الأولوية الأولى للإمام الخميني (رحمه الله) فأعلن إطلاق “يوم القدس” ليكون يوماً عالمياً للمواجهة بين المستضعفين والمستكبرين، و أكد على وقوف الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى جانب الشعب الفلسطيني الأبي، وإلى جانب كل الشعوب المستضعفة الثائرة في وجه قوى الاستكبار و الطغيان في شتى أنحاء العالم.
و اليوم و بعد أكثر من أربعة و أربعين عاماً على إطلاق يوم القدس العالمي أصبح واضحاً للعيان أن هذا الكيان المجرم سائر نحو زواله لا محالة، بسبب ما يقوم به من ممارسات و جرائم، وأفعال لا إنسانية تجاه الشعب الفلسطيني و تجاه شعوب المنطقة بشكل عام وخصوصاً بعد نَقْلِ السفارةِ الأمريكية إلى القدس، ومحاولاتِ طَمْسِ القضيةِ الفلسطينية نهائياً، و عملياتِ تهويدِ و تقسيمِ القدس، بالإضافة إلى ما يرتكِبه يومياً من جرائم وانتهاكات وحشيَّة بحقِّ إخوتِنا الفلسطينيين، وخصوصاً في محيطِ المسجدِ الأقصى، والسماحِ لِقُطعانِ المتطرفين اليهود بالدخول لتدنيسِ المقدساتِ و الاعتداء على المقدسيين العُـزَّل، مُستخدِمين الرصاص الحي بكلِّ برودةِ أعصاب، مما أدَّى إلى سقوطِ الكثيرِ من الشهداء والجرحى من الأبرياء، و اعتقالِ المئاتِ من المواطنين الفلسطينيين وَزَجِّـهـِـم في السجون الإسرائيلية دونَ محاكماتٍ عادلة.
و رداً على الممارسات الوحشية التي يرتكبها الصهاينة حالياً فقد أطلقت الهيئة الدولية لإحياء يوم القدس العالمي لهذا العام شعارًا موحدًا وهو “الضّفةُ دِرْعُ القُدْس”، ويأتي إطلاق هذا الشعار تثميناً لمواقف شباب الضفة الغربية المقاومين الذين يرسمون معادلةً جديدةً تبشّر بقرب النصر والتحرير، وتَقلِبُ حسابات العدو، وتفضحُ جيشَهُ الذي ينكسر في شوارع مخيمات الضفة ومُدُنِها على يدِ مقاوميها وكتائبها المسلحة، كما انهزم من قبل على حدود غزة، و على حدود جنوب لبنان، فما يحدث الآن في فلسطين يشكل حدثاً استثنائياً في مسار الكفاح، و يبشِّر بقرب طرد الصهاينة المحتلين نهائياً من أرض فلسطین الحبيبة.
الشعوب المستضعفة بحتمية تحقيق الوعد الإلهي بتحريرها من أيدي هؤلاء المغتصبين القتلة ، وليس لدينا أدنى شكٍّ في ذلك؛ مهما طال الزمن، ومهما عظمت التضحيات.
أ.عليرضا فدوي
الملحق الثقافي و مدير المركز الثقافي
لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في اللاذقية