الوحدة 13-4-2023
تشكل الفنون عموماً – وعلى مر العصور – نوعاً من أنواع الإبداع الإنساني لأنها ساهمت في تخليد الحضارات والثقافات على اختلاف أطيافها وألوانها.. ويحتل التصوير الضوئي المكانة الأولى بين هذه الفنون من خلال عدسته وتقنياته التي توثق الحياة بكل تفاصيلها وعناصرها.. حول هذا الفن وتاريخه وقيمته الفنية، التقينا الفنان منير كباس الذي امتهن التصوير الضوئي وترك بصماته بجدارة في هذا المجال ليحدثنا عن تجربته وعن رأيه بهذا الفن فكان الآتي: – ما هي الأسس والمفاهيم التي يعتمدها التصوير الضوئي لتكون الصورة مشهداً ناطقاً يرصد تفاصيل الحياة الإنسانية؟ التصوير الضوئي (الفوتوغراف) ذلك العلم السهل التداول حتى على الذين لم يدرسوه باعتباره يجمع خصائص العلم والفن فهو يواكبنا منذ نعومة الأظافر، بولادتنا، رأينا النور شعاعاً والأرض والإنسان وسرعان ما تأخذ هذه الرؤية بالتحول إلى صور تزداد يوماً بعد يوم، فالتصوير عمل إنساني قبل كل شيء، هو تصوير للمجتمع تصوير للحياة التي نعيشها دون إمكانية التخلي عنها ولو للحظة واحدة، وإذا كان التصوير فناً فإن إنتاج الصور علم بالدرجة الأولى فلنسبر أعماق ذلك العلم، ويختلف التصوير اختلافاً واضحاً عند تقويمه عن باقي العلوم الأخرى، ونستفيد ونشجع فيه مجال البحث والتطوير لخدمة وطننا فهذا العلم المبني على أهم ثلاثة علوم عاود بعد رسوخ دعائمه ليردّ بعضاً من الفضل إسهاماً منه في تطوير العلوم الأخرى، مثلما يسهم في إثراء الإنسانية فكراً وفناً وأمناً، فآلة التصوير بندقية أيضاً نسدد بها ونقتل إلا أن الضحية تكون الزمن فقط لتخلد الحياة بشكلها الآني. أما التصوير من الناحية الفنية فقد أصبح أمام علامات استفهام خصوصاً أن التصوير الضوئي غدا سهلاً وبسيطاً في عصر التقنية العالية التي نعيشها، لكن كم من مرة تعجبك صورة وفقت في التقاطها فتتمنى لو أن كل الصور التي تأخذها تكون بتلك الجودة والروعة التي يحددها التكوين الجمالي للصورة. – وماذا عن مفهوم التكوين الجمالي للصورة؟ إن التكوين الجمالي للمنظر من أبرز العناصر التي تفاضل بين مصور وآخر، فآلة التصوير تكون دوماً في مركز الكرة وإمكانيات التصوير هي السطح الداخلي لتلك الكرة، والمصور الفنان من يستطيع اختيار عدد قد يكون قليلاً من الزوايا التي تظهر التكوين الجمالي لذلك السطح ورغم وجود قوانين للتكوين الجمالي مستنتجة من تحليل لوحات رسامي عصر النهضة، إلا أن هذه القوانين تعدّ مقياساً نسبياً بالدرجة الأولى، فالقواعد التي تحكم العلاقة بين الكتل والخطوط والمسافات، كسرها فنانون وصلوا إلى نتائج تشكيلية باهرة، بينما قلدها فنانون آخرون فغاصت أعمالهم مع النسيان. – بم يختلف التصوير الضوئي عن الرسم، ومتى يمكننا اعتباره فناً إبداعياً؟ يختلف التصوير الضوئي عن الرسم، فعندما يحاول رسام إعداد لوحة عن مشهد ما لابد له من إلقاء نظرة شاملة وتفصيلية على هذا المشهد للإلمام بشكله وخطه وتركيبه قبل البدء في وضع نقاطه الأولى على الورق مستبعداً أو مضيفاً ما يرغبه لتوليد صورة كاملة فيها روح الرسام نفسه، أما بالنسبة للمصور فالصورة تأتي جاهزة وتامة بطريقة سريعة وهذا يعطي سطحية للعمل. – إذاً متى نعدّ العمل الذي قمنا به فناً مبدعاً؟ نحن نعرف أن الإبداع ينطلق دوماً من الإقرار بنقص المعرفة لدى أحدنا وهكذا عندما نجد أنه لابد من تصوير هدف ما وخلال السعي إلى هذا الهدف لابد من معايشته. فالتصوير يعدّ فناً عندما يدخل باب الإبداع الذي عرفه المصور الضوئي (جون بلاك مور) الإبداع يعتمد على محاولة بناء فهم أو معرفة ناتجة عن الاتصال بين الذات والآخرين معتمدين على صلة للوصل، آلة التصوير بما تحويه.
ريم ديب