الوحدة 1-4-2023
حين تقرأ حروفها تبحر بك إلى مكامن النور والفرح.. تأخذك لعالمها الأنثوي الشاعري، تبهرك بمفرداتها المنتقاة من لؤلؤ روحها.. كتبت القصيدة النثرية وأرخت ضفائر الحرية لحرف مبدع ولشاعرة وجدت نفسها من خلال قصيدته، إنها الشاعرة ندى يوسف أبحرنا في عالمها من خلال هذا الحوار.
– لكل مبدع ولادة فكيف كانت بدايتك الأدبية؟
* كان ذلك في المرحلة الابتدائية حين آمنت ووثقت بأن للحرف جوانح يحلق بنا نحو آفاق الحب والدهشة والفرح حتى أصل للإحساس بما أكتب.
كتبت حينها مقالات وخواطر لتحية الصباح وبعدها مشاركات ومسابقات أدبية كانت تقيمها الشبيبة.
– ما القصيدة التي تأخذك لعالمك ؟
* ما من قصيدة محددة تأخذني إليها، الشاعر عموماً يكون في غرفة، جدرانها عالية محاطاً بالوحدة والعزلة، يحتاج إلى جانحي قصيدة تحمله نحو آفاق من الفرح والدهشة والحب والمتعة… وصولاً إلى الإحساس العالي بالشعر وكأنك تقفين على حافة بحيرة يغمرك عندها نور القمر كما أحسه “كولينز”.
– هل هناك طقوس معينة للكتابة أم القصيدة تفرض نفسها؟
* لا طقس ولا زمان ولا مكان للكتابة، وما من شاعر مبدع يجلس ويستحضر فكرة قصيدته بإرادته ووعيه، لكنه وبإدراك تام يعرف كيف يبقر رحم الزمان والمكان ويكون خارجهما، يكتب إبداعه خارج سياقهما، حتى لا يكون عمله ثابتاً ومكرراً وغير رؤيوي.
– ما رأيك بالملتقيات الثقافية، ماذا قدمت للأدب؟
* الملتقيات الأدبية هي جسر للتواصل بين المثقفين وكسر الحواجز بينهم وربما مجرد لقاء الأصدقاء من جغرافيات متعددة، يجمعهم قلق القصيدة ويفرقهم قلق المسافة، لكنها غالباً لا تخدم القصيدة، فأي نص أدبي كتب بلغة الحواس، يستدعي قراءته بلغة الحواس أيضاً ومن الصعب الوصول إلى عتبته عبر حاسة السمع فقط، أما إذا كان قصدك أهمية الملتقيات وما تقدمه للشاعر والقارئ البعض من المنتديات التي تخلصت من المجاملة والضجيج والمحسوبيات صنعت نخبة من الشعراء والأدباء المبدعين المثقفين حقيقة.
– هل النشر بمواقع التواصل الاجتماعي يحقق انتشاراً أكثر ، ما رأيك بذلك؟
* طبعاً ساهمت في الانتشار الواسع للأدب ونوافذها تتشاسع يومياً لكنها ورغم شكرنا لوجودها وتوفير الكثير من الجهد والوقت للحصول على ما نريد، إلا أنها حرمتنا من رجفة الحواس حين كان الكتاب أو المجلة أو الجريدة تقع بين أيدينا، يعني زادت الحنين للورق.
– ما القصيدة التي تكتبين وتجدين نفسك من خلالها؟
* أميل للغة الحواس، والقصيدة بالنثر هي لغة الحواس، أراها بداخلي طفلة مشاكسة بهدوء تأملي خلاق، واستبصار لغوي حذر في كل خطوة لتظهر بأناقة عالية، أحاول أحياناً تقييدها والذهاب لغيرها، لأجدها وببراعة فكت القيد وسبقتني لتستلقي على الورق بمدادها الأزرق، وهذه إحدى قصائدي أتمنى أن تنال إعجابكم :
ما عاد الوقت يحتمل
هذا الفراغ الثقيل
من أي نهر تغرف وعلى أية ضفة ترسو
وغشاوة السراب تنعش خيال الشك
غدران الخيال لم تعد تغرقك
ولا هذه اللغة تغريك
اقرأ تاريخ انهزامك منذ أول غرغرة بأدوات الحياة وراقب مسيرك
ودحرج ضجيجك من أعالي الصمت لقاع الهزيمة
كلما اشتكى قلبك من خيبة
وتذكر يا أيها المسكون بالسراب
على كتفك تنام نوافذ تشتاقها العصافير..
تنقر قدور القناعة فوق جمر الزفرات
واترك فقاعة النفس الأخير
تغطي درباً عليها جهات حفظت خطواتك..
علك تواسي التعب بنشوة الوصول.
هويدا محمد مصطفى