الوحدة 1-4-2023
الغيوم التي تتسلّق السماء تحمل المطر، وإذا ما ابتعدت لتسقط في مكان آخر، فإنها توزع ظلالها قبيل الرحيل. أما البشر الذين يقفزون فوق أيامهم وأيام الآخرين، فإنهم أنانيون.
حالمٌ تأبّط غيمةً ونادى: من يشتري غيمتي ببضع ابتسامات؟
في هذه الأيام: الكلّ يبيع أي شيء، والمشترون وحدهم المتخمون، قلّة تبيع وتشتري، وهذه القلة لا تشعر ولا ترى في الغيوم إلا ستائر لجدرانٍ بلا نوافذ – وأنا من ترك غيمته في ضيعته المشلوحة على قمة جبلٍ ومازلت بين الحين والآخر أحلمُ بارتداء وردةٍ، في طفولتي كنت ألبس من ماء النهر، وكنت في بحثٍ دائم عن جذور الأشجار، فالمئات منها تصنع شجرةً، ومئات القطرات تمتلئ ماءً. في تلك الأيام: الكل يريد جذراً واحداً لحقلٍ من الأشجار، أما الماء فيرونه في عبوةٍ صغيرةٍ محكمة الإغلاق كشلالٍ متمرّد!
في يومٍ ماطرٍ، أصابني انتعاشٌ غريبٌ وأنا أمشي في مكانٍ مكشوفٍ. استمر انتعاشي مع هطول المطر النّازل، وكدت أغرق بأحلام يقظتي، لولا أصواتٌ تعلو من حولي، وتتهمني بصفاتٍ لا أعرفها، فألملم بعضي وآوي بيتي بسرعة هارب، وهناك تحت سقفه يزداد عندي إحساس البرد والتجمد الذي لا يشعر به إلا من هو مثلي، وجيوبه فارغة إلّا من البطاقة الشخصية وقصاصات ورقية لم يعد لها من قيمة.
أما نافذتي فقد نسيتها لدى جيراني، وهم يستخدمونها كرديفٍ لنوافذهم، فيكثر الصخب وتتلوّن الأصوات، ثم تنفجر بالكلمات المخبوءة، حتى لأكاد أجد صعوبة في التنفس.
سمير عوض