الأحد-12-5-2019
العدد: 9344
مشاجرةٌ بين الفصول الأربعة شاهدتها بنفسي- والكلام هنا لنزيل في مشفى الأمراض الثقافية- ثم أضاف يقول: الحرُّ هاجمَ البردَ، والصّحوُ غارقٌ بالأمطار، والجبالُ تنحني لأقرب سوسنة، أمّا الليل والنّهار، فكانا يتقاسمان المشهد مناصفةً.
ولأنّ الكاتبَ من أمثاله، يظنُّ نفسه نسخةً معدّلةً عن عشرين شاعراً وروائياً، أيقنت أنّه يرى بأحاسيسه لا بحوّاسه، فوافقت على ما رأى، وانتابتني حالةٌ أشبه بمطبعةٍ أنهكتها روايات أديب يسعى لجائزةٍ مجزيةٍ، فانغلقت نوافذي وخانتني خطواتي، ممّا اضطّرني لمغادرة غرفة المريض مستقبلاً المحيط الخارجي، ولأرى يقيناً خصام الفصول أنا الآخر! لكنّ التفاصيل بألوان لم أعهدها!
فأقول في سرّي: قلائل هم الأصحّاء من الكتّاب، والباقون على كثرتهم مرضى ثقافيّون لا شفاء من مرضهم إلاّ بتطور أدواتهم الكتابيّة، فالماء يعطش أحياناً، والدروب لا تستفيقً على وقع الأقدام، وكذلك فالعشّاق لا يرسمون أقواس قزح مجانيّة، وقصص التاريخ وحدها لا تنبت أدباً، أمّا أنا فسعادتي كجزيرة نائيةٍ تتزيّن بشطآنها!
حين أدركت بأنّ ما ألَمَّ بي ليس إلاّ وعكة طارئةً، أو هكذا أقنعتُ واقتنعتُ.
الأيّام تمرُّ، وأنا في كلّ صباحٍ أزداد رغبةً لزيارة عيادة طبيبٍ يؤكّد فيها خلوّي من العلل الثقافيّة التي كثرت هذه الأيّام، لِمَا أقرأ وأسمع وأرى عن نصوصٍ أدبيّةٍ منكسرة القواعد والجدران، تحتاج لتغيير شرايينها وصمّاماتها.
أما التقليدُ فيها بطريقة الاقتباس فرماديٌّ وقاتلٌ كرصاصةٍ تحفر وترسمُ في الجسد وشمها.
سمير عوض