سورية هي الإنسان.. الحب في قصائد جوهر ونوس

العدد: 9343

9-5-2019

عاديون شكلاً، ملفتون للانتباه مضموناً، وبما أن المرء مخبوء تحت لسانه فإننا قد نصادف ما يدهشنا بهذه المخبوءات وكما العطر يختصر الحديقة الملأى بالزهور وكما الدن والخابية يختصران الكرم، هكذا هي القصيدة، قصيدة الشعر التي تكثف عناصر الطبيعة وجمالها والحياة والحب وتنشرها ندى امتشقها شاعرنا بيدين ماهرتين وكتبها قصيدة شعر.
إنه الشاعر جوهر ونوس ابن قرية سلمية، قضاء جبلة مواليد 1967 مجاز في الأدب الانكليزي من جامعة تشرين، يعمل مدرساً للغة الإنكليزية في مدينة جبلة كان لنا لقاء معه ليحدثنا عن تجربته الشعرية وبدأ حديثه عن حب الوطن وسورية، قائلاً: آه يا سورية، هنا يبدأ التاريخ والشعر والإبداع والحب والإحساس والمعاناة والآلام والآمال وكل شيء جميل.

عندما أكتب لسورية أشعر أنني أصلي، حب سورية يغسل روحي، يجددها، يلهمني أجمل الأشعار، وصفتها بكل أوصاف العشق والهيام هي المحبوبة التي لا أملُّ استعطافها والنظر إليها والتقرب منها كتبت لها الكثير الكثير من الأشعار في هذه الحرب الظالمة عليها:
ألقي طريق سرت فيه وما انتهى
والدهر طفل في فنائي لم لها
في رمل خدي أعصر مدفونة
فاحذر إذا لامست أن تتنبها
– كيف تنتقي مفرداتك؟
تصطف الكلمات خلف بعضها تلقائياً كحبات السبّحة أنا أحتاج لخيط صغير رفيع ليربطها ببعضها عن طريق البحر، يعني العروض، تفاجئني الكلمات بأنها جاءت على القياس ومع هذا استبدل كلمة بأخرى عندما أريد أن يكون المعنى أعمُّ وأشمل.
– أنت تقول أنك كتبت للحب كيف ترى الحب؟
الحب هو ملح الحياة فلولاها لكانت بلا طعم وعندما أكتب للحب أكتب لكل عاشق كبيراً كان أم صغيراً وتختلف المشاعر مع الزمن ولكنها تبقى في مجال الحب والتعبير عنها يختلف ويميل إلى الإيجاز والاحترام، وفيه الحنين واللوعة والشوق:
بذاكرتي حديث صار نقشاً ينير القلب يصهل في دمائي
إلى غابات عينك طار قلبي وهمسك ريُّ أحلام ظماءِ
– لمن قرأت وما هي مصادر ثقافتك؟
نصف قرن من صحبة الكتاب لم يخذلني يوماً ولم يعاندني أو يعاديني، مع أني لم أكن وفياً دائماً لكنني أعترف باتساعه وعمق ما يحتويه من بحار وفضاءات قرأت كل شيء في كل شيء كتب التاريخ والسياسة والأدب والنقد والفقه والدين والحديث تأويلاً وتفسيراً تقريظاً وتقريعاً وكل ما يخطر بالبال.
– ماذا تفضّل في القراءة وبأي منحى تحب؟
كما الطبيعة جمالها بتنوعها كذلك فكر الإنسان جماله بتنوعه أهم شيء أن تكون تلك الألوان متناسقة بمعنى لو كانت الحياة نهاراً دائماً لانتفت الحياة وكذلك الثقافة يجب أن تكون متنوعة، في تنوعها غنى وخصوبة وتجديد الثقافة أحادية الجانب مملّة كتناول طعام واحد مدى الحياة، ولهذا أنا أقرأ بلا تحيز وأستفيد حتى من التجريح.
– مشاركاتك بالأماسي والمهرجانات الثقافية؟
قليلة جداً مع أني لم أرفض أي دعوة وجهت لي.
– عن وصف الطبيعة وجمالها؟
الإنسان هو الطبيعة بالنسبة لي، ببحورها وجبالها، بورودها وأشواكها بغيومها بثلوجها وصحرائها وكل هذا يتجسد في صديق أو حبيب أو زميل عمل.
ما كتبت لشيء كما كتبت للإنسان بما يحتوي من قيم ومبادئ.. والجنة الحقيقية في الإنسان هي التسامح والعطاء.. التسامح يحتاج إلى نفس عظيمة قوية تتعالى على الصغائر لا تحب الانتقام.. للإنسان أكتب، هو هاجسي الأول والأخير.. لتفكيره أكتب تحديداً، فالإنسان المنفتح هو الذي يمتلك الجدارة بالحياة.
– ماذا تقصد بالإنسان المنفتح؟
هو الإنسان الذي يقبل الآخر كما هو من دون ملامة أو نقد أو تجريح وهذا الشيء نعيشه حالياً في سورية ويجب أن نشجعه لا أن نكون من لون واحد:
ما دمت تؤذيني فدينك فاسد
حتى ولو صليت عمراً كاملاً
– عن الواقع والحياة اليومية ماذا كتبت؟
كتبت الكثير وهذه بعنوان بيان وضع…
ولولا أن جلداً ضم جسماً لكنت غدوت آلاف الشظايا
فلا عقل يطيق جنون قلب ولا قلب يفكر بالوصايا
ولا لحم على عظم سعيد ولا عظم يكفُّ عن الشكايا
ولا صدر على رئةٍ رؤوف ولا رئة تحنُّ إلى الحنايا
أنا كلُّ يخاصم فيَّ كلاً أنا العربي حربي في الخلايا
– أشعارك وقصائدك كم بلغت؟
لدي ما يقارب خمسمائة قصيدة ما بين سباعية وأربعينية بين السبعة أبيات والأربعين وكلها كما ذكرت آنفاً على البحور العروضية ومنذ تعلمت بحور الشعر في الثانوية بدأت بالكتابة وقراءة الشعر العربي قديمه وحديثه.
– هل كتبت في الشعر الساخر من الحياة والواقع؟
مع أني لا أحب أن أسخر من أحد لأن مبدأي في الحياة هو عامل الناس كما تحب أن يعاملوك ولكنني وجدت نفسي ذات يوم مضطراً أن أكتب سباعية (لكل جهنمه):
تمرُّ في السعادة مرّ لمعٍ ويبقى الحزن أكثر من جليد
ويأتيك الغليظ بنبع نصحٍ
فيأتي النصح أثقل من حديدِ
ويروي عنك ما لا أنت تدري وينسى أي توصيف حميد
جهنم في حياتك بعض ناس
إذا تركوك تُبعثُ من جديد

آمنة يوسف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار