الوحدة : 17-3-2022
أجرى الرئيس بشار_الأسد في مقر إقامته في موسكو، حواراً متلفزاً مع الصحفي الروسي المخضرم فلاديمير سولوفيوف مقدِّم البرنامج اليومي الشهير: “المساء مع سولوفيوف” على قناة روسيا1، خلال اللقاء طرح المذيُع الروسي طيفاً واسعاً من الأسئلة في العلاقة بين الرئيسَين الأسد وبوتين، في الدور الأمريكي تجاه سورية، في المنطق الذي يحكم علاقة الغرب مع سورية ودول العالم، ورؤية الرئيس الأسد للصراع بين روسيا والغرب، وفي العلاقة مع أردوغان واحتمال لقائه مع الرئيس الأسد، وكذلك عن الدور الوطني للسيدة الأولى #أسماء_الأسد خلال الحرب وفي مواجهة كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب سورية.
الأسد ـ بوتين.. الصورة الكاملة
وفي معرض حواره مع الصحفي سولوفيوف قال الرئيس الأسد: التقيتُ بالرئيس فلاديمير #بوتين أول مرة عام 2005 أي تقريباً 18 عاماً، نفس اللغة التي تحدثنا فيها في ذلك الوقت تحدثنا بها اليوم. الرئيس بوتين وأنا واضحان وصريحان باللغة الخاصة والمعلنة. وأضاف: هنالك ثقافة روسية بعيدة عن ثقافة الاستعمار والاستعلاء والغرور، تقوم على احترام الآخرين، هذه ثقافة شعبية. عندما تنعكس هذه الثقافة في العمل السياسي سيكون هنالك استقرار وثقة واحترام في العلاقة. لم نشعر في يوم من الأيام حتى عندما كنا نتعامل مع الاتحاد السوفييتي بأننا نتعامل مع دولة تختلف عنا. العلاقة بيننا وبين روسيا أو الاتحاد السوفييتي سابقاً هي أنهم يبحثون عن أصدقاء، والصديق لكي يكون مفيداً لك يجب أن يكون قوياً وليس ضعيفاً، هنا نستطيع أن نفهم العلاقة بيني وبين الرئيس بوتين، تنطلق من هذه الصورة الكبيرة، من الصورة القديمة التي عمرها الآن حوالي سبعة عقود. فإذاً المنطق الروسي هو مناقض تماماً للمنطق الغربي الذي يريد دولاً تابعة له ولو على حساب مصالحها.
الديمقراطية عند الغرب هي أن تكون عميلاً لهم!
سولوفيوف، قال للرئيس الأسد: يقول الغربيون /أمريكا والناتو/ سنأتي بالحرية والازدهار والديمقراطية، وعندما كنت في حلب رأيت الناس الذين يحتاجون للمساعدة بسبب الزلزال، ولكن لم أرَ هناك لا الأمريكيين ولا الناتويين، ماذا تفعل أمريكا والناتو على الأراضي السورية؟ مَن يساعدون؟. أجابَهُ الرئيس الأسد بالقول: الجواب موجود في سؤالك، ماذا فعلوا؟، كل ما قاموا به هو عكس ما يتحدثون به من مبادئ إنسانية مزيفة، أعتقد أن براعة الغرب هي أنهم أعطونا مصطلحات، ولكن وضعوا مضموناً لهذه المصطلحات بطريقتهم، وجزء كبير من العالم صدق هذه المصطلحات، فمصطلح الحرية مصطلح جميل لكن يمكن أن تكون الحرية هي حرية الإنسان في أن يقتل الآخرين، حرية الإنسان في أن يخرب الحرية أن يقوم بكل شيء سيئ، فهذا المصطلح الجميل يمكن أن يكون له مضمون قبيح، نفس الشيء الديمقراطية، الديمقراطية هي مشاركة أكبر عدد من الناس في القرار الوطني، بالنسبة لهم الديمقراطية هي أنه لك حرية وحيدة فقط: أن تقبل بمفاهيم الليبرالية الحديثة التي يريدون أن يفرضوها عليك، هذه هي الديمقراطية أن تقبل بما يريدون، أن تكون عميلاً لهم. عندها ستُصَنف بأنك ديمقراطي. فإذاً المصطلحات الغربية هي مصطلحات زائفة، السياسة الغربية مبنية على الكذب وعلى الخداع، في أفضل الدول الغربية إن كنت صادقاً ربما تخرج من السياسة.
شيطنة روسيا وشيطنة سورية
وحول شيطنة الغرب لـروسيا وقبلها سورية، قال الرئيس الأسد: لدينا ولديكم تجربة طويلة ولكن البعض لا يراها، من الخطأ أن نعتقد أن مشكلة روسيا مع الغرب بدأت بموضوع أوكرانيا أو بموضوع جزيرة القرم، مشكلتهم مع روسيا عمرها 300 عام من أيام بطرس الأكبر، والمطلوب من روسيا أن تكون دولة تابعة صغيرة ضعيفة، هذا طلب أكيد، البعض في روسيا راهن على الغرب، أعتقد أن روسيا عندما تتنازل للغرب لن ستكون مرتاحة، فإذاً هدف تقسيم روسيا وإضعاف روسيا هو هدف غربي دائم عمره 300 عام.
وتابَع الرئيس الأسد: نفس الشيء بالنسبة لنا في سورية، استعمرت الدول الغربية منطقتنا سواء كانت بريطانيا وفرنسا، أو الآن أمريكا تحتل أراضي سورية، لم يتغيروا لم تتغير السياسة، بعد خروجهم لم يتغيروا حتى في مفاوضاتهم الاقتصادية، هم يهدفون لشيء واحد، وأنا أتحدث عندما كنا نفاوضهم حول اتفاقية الشراكة الأوروبية، كانوا يريدون أن يأخذوا كل شيء من سورية ويقدموا لها الشيء البسيط، أي ضد مصلحتنا، ولذلك رفضنا التوقيع على تلك الاتفاقية حينها. وأضاف سيادته: ماذا يجب أن نفعل؟ يجب أن نكون أقوياء فقط، أنت تعيش في غابة، الأقوى في الغابة يأكل الآخرين، لا يوجد قانون دولي، هو على الورق فقط. أنت في عالم الأقوياء هذا هو الحل الوحيد، كنت أتمنى أن أقول لك إن هناك حلولاً أخرى ولكن سأخدعك في مثل هذا الكلام.
صداقة الرئيس الأسد مع #أردوغان.. ماذا جرى؟؟
ورداً على سؤال حول أنه كانت هنالك في وقت من الأوقات علاقة صداقة عائلية بين الرئيس الأسد وأردوغان، فما الذي حدث؟. قال الرئيس الأسد: الذي حدث وهذا ليس رأيي فقط، هذا رأي بعض الأتراك القريبين منه والذين يعرفونه معرفة شخصية، أن أردوغان هو شخص إخواني ينتمي للإخوان المسلمين بشكل عميق وبشكل معلن وهو لا يخفي هذه الحقيقة، والشخصية الإخوانية أو الإخوان المسلمون بشكل عام يسعون لشيء وحيد هو الوصول إلى السلطة ويستخدمون الدين من أجل الوصول إلى السلطة، لا يستخدمون الدين من أجل إصلاح المجتمع أو نشر المحبة بين الناس أبداً، لا تعنيهم هذه الأمور. المصلحة الإخوانية هي أولاً، عندما بدأت الحرب في سورية كان هناك توجه أمريكي أيام حكومة أوباما بأنه حان الوقت الآن للإخوان المسلمين لكي يستلموا القيادة في العالم العربي، باعتبار أن الدول العلمانية ـ وفق ما يفكر الأمريكي ـ لم تحقق ما تريده أمريكا، حيث لم تتمكن من السيطرة على الشعوب في موضوع التنازل عن الحقوق. الحكومة الإخوانية هي حكومة تحكم باسم الدين، وبالتالي هي أقدر على السيطرة على الشعوب بحسب التصور الأمريكي، طبعاً كانت النتيجة فشل هذا الموضوع لأن الشعوب العربية لا تفكر بهذه الطريقة، هي تميز بين الدين بمعانيه الحقيقية وبين الطريقة الانتهازية التي يطرحها الإخوان المسلمون، عندما بدأت الأمور بهذا الشكل كان من الطبيعي بالنسبة لشخص إخواني أن يذهب باتجاه المصلحة الإخوانية. الوفاء، الصداقة هي أشياء ليس لها قيمة ولا يفكر للحظة بها. فكل تلك العلاقة كانت قيمتها صفر بالنسبة لهذا الشخص مقابل مصلحة التوجه الإخواني الانتهازي، فلكي تكون إخوانيا لابد أن تكون انتهازيا، لا يمكن أن تكون إخوانياً وتكون صادقاً.
الحوار مع #أردوغان هل هو ممكن؟؟
وحول ما إذا كان الرئيس الأسد مستعد للحوار مع #أردوغان، قال الأسد: لذلك بدأنا المفاوضات على المستوى الأمني وعلى مستوى وزراء الدفاع، والآن نناقش اللقاء على مستوى معاوني وزراء الخارجية، وربما نصل لوزراء الخارجية وهذا يعتمد على تفاصيل الحوار بيننا وبينهم، في هذه الحالة لابد من الفصل بين المشاعر الشخصية والمصلحة الوطنية، المصلحة الوطنية هي الأهم فإذا كان هناك أي لقاء مع أي طرف هو أو غيره يحقق مصلحة سورية وينهي الحرب ويوقف نزيف الدماء فمن الطبيعي أن نسير في اتجاهه، هذا الشيء غير قابل للنقاش، لا يجوز أن ننطلق من الغضب أو من غير ذلك من المشاعر هذا خطأ.
دور السيدة #أسماء_الأسد
في سياقٍ آخر، توجّه سولوفيوف بسؤال للرئيس الأسد حول دور السيدة الأولى #أسماء_الأسد قائلاً: زوجتك، تلعب دوراً هائلاً في عدد من البرامج الإنسانية، لقد رأيت كيف حاربت المرض بكرامة، وكيف كانت تلتقي الناس، وكيف كان الناس يتعاملون معها، وكيف يحبها شعب وأطفال سورية.. ولذلك عائلتك وسيادتك شخصياً وزوجتك دائماً مهددون.. دائماً معرضون لمحاولات قتل.. كيف تعيشون تحت هذا الضغط المرعب.
أجاب الرئيس الأسد: هذه نقطة مهمة، لأن الإنسان يؤثر بالآخرين ويتأثر بهم، فبكل تأكيد سيتأثر بالدرجة الأولى بعائلته وبأصدقائه وبالدرجة الأولى بزوجته وأبنائه وإخوته، فإن لم يكن هناك دعم متبادل بين أفراد العائلة وبين الزوجين فلاشك سينعكس ذلك سلباً على أدائه. الدعم المتبادل بيننا في ظروف وتحديات صعبة كالحرب، ربما تخرج من المنزل ولا تعود بقذيفة أو بأي فعل آخر، إن لم يكن هناك شعور بالدعم المتبادل وإعطاء نوع من الثقة بدلاً من الخوف فبكل تأكيد كنت سأتأثر سلباً وهي ستتأثر سلباً كذلك. الخوف لن يؤدي إلى نتيجة إيجابية، الخوف لن يقوم بحمايتك، مَن سيموت سيموت، ونحن كأشخاص نؤمن بالقدر.
وأضاف الرئيس الأسد: هي كانت تلعب دوراً فاعلاً جداً بصفتها بالدرجة الأولى مواطناً سورياً يحب بلده بشكل كبير، ولديه رؤية واضحة لظروف الحرب ولمتطلباتها، ولديها عمق في رؤية الأمور في هذه الظروف المعقدة، ومارست دوراً مهماً جداً مساعِداً من خلال الحوارات واللقاءات والمساهمة في مختلف الأفكار التي كانت تُطرح لمعالجة تداعيات الحرب في مختلف المجالات. أنت تعرف أن الحرب تصيب كل شيء، تصيب البنية التحتية، تصيب الاقتصاد، تصيب الثقافة، المجتمع بكل جوانبه فلا حدود للعمل الذي يمكن أن تقوم به في هذا المجال، كانت تلعب دوراً فاعلاً وما زالت، وخاصة الآن في المرحلة التي أعقبت الزلزال، بكل تأكيد قامت بعمل كبير جداً ربما لا يكون ظاهراً أحياناً في الإعلام، ليس هذا هو المهم، المهم أن تحقق نتائج. وكان دورها مساعداً جداً بالنسبة لي بكل الجوانب.
رئاسة الجمهورية العربية السورية