الوحدة: ٨-٣-٢٠٢٣
كثير من الأمهات يعانين من صعوبة التعامل مع أطفالهن بعد حادثة الزلزال الذي أصاب بلدنا مؤخراً، إذ لاحظنا كثرة مظاهر الخوف والتوتر النفسي بين الأطفال وخاصة مع اقتراب ساعات الليل وحلول الظلام ، و هذا الأمر ولّد لدى الآباء القلق والمعاناة حول كيفية تخليص أبنائهم من تلك الحالات النفسية التي مازالت تسيطر عليهم، وبعد أن وردتنا أسئلة واستفسارات كثيرة عن الطرق التي تمكن الأهالي من إعادة التأهيل النفسي لأطفالهم وتحقيق استقرارهم النفسي السابق الذي كانوا عليه قبل فترة وقوع الزلزال.
وحول كيفية تجاوز هذه المرحلة التي يمر بها عدد كبير من أطفال المحافظات المنكوبة جراء الزلزال، حدثتنا د. رباب شريتح أخصائية الصحة العامة والنفسية ورئيس شعبة الصحة النفسية ضمن مديرية صحة اللاذقية قائلة: إن وقوع الزلزال أحدث رضاً نفسياً لدى أغلبية الناس، حيث أثر بشكل كبير على الأطفال كما أن استجابتنا للزلزال اختلفت بين شخص وآخر وهذا مرتبط بالوراثة والمرونة ومدى التعرض لصدمات سابقة.
وأضافت د.شريتح : يوجد أشخاص سلبيون أو ربما لديهم اضطرابات نفسية كانت استجابتهم للزلزال أسوأ من غيرهم، كما أن ردة الفعل عند الأطفال اختلفت بين الغضب والقلق والعصبية ونوبات الهلع والاضطرابات السلوكية من (تبول ليلي لا إرادي – قضم الأظافر – أو حتى كوابيس وغيرها)، هذه السلوكيات لا تعتبر حالة مرضية بل هي ردة فعل لحدث وقع والتعامل معها يجب أن يكون بالصبر والهدوء والاحتواء والاهتمام من قبل الأهل والأهم من ذلك إشباع الأولاد بالحضن وأن يتم السماح لهم بالتعبير عما يجول بداخلهم من مشاعر وأفكار.
وتؤكد د. شريتح موضحة: من الضروري معرفة الأم بأن طفلها يبلغ من الذكاء ما يجعله يقرأ وجهها وتعابيرها ( فتخوفها وقلقها) يصل لطفلها مباشرة لذلك يجب أن تشرح له ما الذي يحدث وما نمر به، فعندما نستطيع السيطرة على مشاعرنا بهدوء يتعلم أطفالنا ذلك فنحن مرآة لهم فإذا تعاملنا بالصراخ والهلع والجذع ستنطبع تلك الصورة في رأسهم.
وتضيف د. شريتح: أنا لا أصادر حق الأمهات بالخوف مما حدث إنما أطلب أن يشرحن مشاعرهن ليفهم أطفالهن أن من حقهن أيضاً التعبير عن مشاعرهن لتجنب إعادة ذكر ماحدث، كما أن إسكات الأطفال يضعهم في خوف داخلي من كل شيء لا ضير من السماح لهم بالحديث إذا رغبوا بذلك ولابد من إعطاء الأجوبة الصحيحة إذا كنا نملكها.
وتنصح د. شريح الأهالي بضرورة إبعاد الأطفال عن وسائل التواصل الاجتماعي وجلسات الأهل والجيران التي تثير الهلع مع حثهم على ممارسة الأنشطة اليومية والعودة للروتين اليومي، ويفضل تخصيص ساعة لمتابعة شيء يبعث على الضحك والتسلية إضافة لممارسة الرياضة وأهم شيء يجب أن يعلم الأهل أن الأولاد الذين تعرضوا لتغييرات سيتجاوزونها وستمر بسلام بقدر ما نوفر لهم الاهتمام والاحتواء.
وأخيراً اختتمت د.شريتح حديثها قائلة: بالنسبة للتدخل الدوائي أو مراجعة الطبيب النفسي يجب عدم التكلم عنه إلا بعد مرور من شهر إلى ثلاثة أشهر وهذا أيضاً له علاقة بالتحسن التدريجي للسلوكيات أو شدة الحالة.
جراح عدره
تصفح المزيد..