الوحدة 3-3-2023
بغضّ النظر عن غضب الطبيعة وما آلت إليه الأمور من دمار ومآس بشكل غير متوقّع، فقد حدث بالمقابل بناء ممنهج على الطريقة (الآدمية) الصحيحة، والحديث يطويل عمّا حصل للنفوس والعقول البشرية من استفاقة حقيقية وصحوة وجدانية أيقظت المارد الأبيض (الآخر) من ثُباته العميق، صحوة وجدانية عارمة ضربت أصقاع الوطن السوري، طُويت الخلافات على وقع الأوجاع والدمار، انتفض الدم العروبي الأصيل، بدأت الأصوات تعلو من كافّة الأصقاع، من درعا ودير الزور والرقّة والحسكة، من السويداء والقنيطرة وقلب الوطن من حمص وحماه، ومن طرطوس التوءم الآخر، على كافّة المستويات الأهلية والشخصية. هبّ الجميع للوقوف بسخاء مع الناجين في حلب واللاذقية، وعلى تخوم المدينة البيضاء طلّت سحناتهم العربية الأصيلة السمراء، قلوب حنونة تختبئ خلف عباءاتهم العربية، مقود السيارة بيد سمراء وهاتف الاستدلال بالأخرى ينادي بلكنة الشرف، قوافلهم العريضة حيّكت طرقات اللاذقية بخيطان الخير القادم من قلب النخوة الأصيلة، فضاءات الساحل الجريح اشتاقت لتلك الزيارة التي غابت على أعتاب الظروف، لكنها عادت إلى وضعها الطبيعي بشوق ولهفة، ولو على وقع الموت ونافذته الحزينة، خرائط البناء ومعانيه الواسعة سيتواصل على سكّتين متلازمتين، ليتعافى الوطن من جراح ومآسٍ أثقلت كاهله لسنين عِجاف، فكل الرّحمة والإجلال على أرواح قضت نحبها على تقاسيم الطبيعة المتحرّكة، والصبر والسلوان لمن وقف على أنقاض مأواه يتأمّل الذكريات على جدران محطّمة.
سليمان حسين