الفن دليل تطوّر فكري

العدد: 9341

7-5-2019

إن ظهور أول أبجدية في حياة الإنسان هو إعلان لولادة التاريخ وتدوينه، لكن قبل كل ولادة، مرحلة جنينية تسبقها، وقد مرّت تلك المرحلة عبر زمن طويل، وتمثلت بجهود وخطوات كثيرة كانت حصيلة نشاطات متتابعة من تراكم التطوّر الذي طرأ على رموز وإشارات وأشكال ابتكرها الإنسان منذ القدم، وقام بتصويرها أو حفرها على جدران الكهوف والمغاور أو على الحجارة والعظام، وهذا الذي حصل هو تطوّر فني نابع عن تطور فكري ساهم في حضور الفن وسموه من شكل إلى آخر، إلى أن وصل إلى درجة من النضوج الفكري المتقدم على ما سبق من خطوات مضت.
إنَّ مرحلة التطور ليست حالة فردية برزت فكانت، إنّما هي حالة جمعيّة شملت الوسط المحيط لجماعة بشرية، انتقلت بنشاطها وعملها من حالة إلى أخرى أكثر نمواً وازدهاراً وبالتالي انتقلت من حالة اجتماعية إلى أكثر منها تحضّراً ورقيّاً.
النمو الفكري لا شك يحدث بدوره تطوراً فكرياً ينعكس بداية على تطور الحياة اجتماعياً فيغيّر من واقع الحياة العامّة والعلاقات الاجتماعية بين الأفراد نحو مظهر أكثر تقدّماً..
لقد لعبت الرسوم والنقوش القديمة دوراً كبيراً في معادلة التطور العامّة، وهي معادلة متبادلة الطرفين في محاكاة الواقع من حيث تجسيد الفكرة على جدران المغاور والكهوف برسوم الحيوانات أو الأشخاص والنباتات والطيور والأشكال الأخرى، أو بعض دلائل وعلائم البيئة المحيطة إضافة لبعض الإشارات والرموز ذات الإحاءات والإسقاطات التي تمثّل جانباً من الواقع محاكياً له.
وهكذا ظلَّ الفن برسومه مطابقاً للطبيعة والواقع، يميل إلى التبسيط في البداية وهذا شيء عادي لبدايات النشاط البشري في مجال الفن، حيث انتقل لاحقاً بفعل تطور حياة الإنسان لاحقاً من مرحلة إلى أخرى، وعبر فترات زمنية دامت عدة آلاف من السنين لتطور الإنسان نفسه في مفاهيمه ونشاطاته وانفعالاته وعلاقاته وأدواته حتى وصل إلى ما وصل إليه من الرمز والاختزال والتجريد.. وإلى ما وصل إليه تطور الفن وازدهاره.

بسَّام نوفل هيفا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار