الوحدة : 3-2-2023
قامت جمعية العاديات باللاذقية بزيارة بعض المعالم الأثرية والتاريخية في مدينة اللاذقية برفقة عدد من الباحثين في التاريخ والآثار ليكون هذا النشاط مثمراً بالمعلومات القيّمة، وممتعاً بالمشاهدات التي نقلتنا إلى رحاب التاريخ الذي نفخر به، ونشعر برهبته وسحره.
البداية كانت القلعة من مقام الشيخ محمد المغربي /جامع النور/ والذي يعود إلى /1762-1826/، ومعهد الأسد لتحفيظ القرآن الكريم والذي تأسس عام / 1992/.
ولد الإمام المغربي في المغرب الأقصى، وتوجه إلى دمشق سنة/1803م/ وتلقى العلم فيها على يد الشيخ محمد بن عبد الرحمن الكزبري في الجامع الأموي، استقر به المطاف في اللاذقية عام /1807/ وأقام فيها عشرين سنة يعظ الناس ويرشدهم ويعلمهم أمر دينهم ودنياهم، ووصلت أخباره إلى مسامع السلطان محمود الثاني فأهداه ساعة وسجادة صلاة.
أشرف على بناء الجامع تلميذه الشيخ أحمد الحلبي الذي دفن بجوار شيخه.
عن تاريخ هذا المعلم تحدث الباحث (مضر كنعان) قائلاً: كان في مدينة اللاذقية ثلاث قلاع: قلعتان بريتان وقلعة بحرية عند مدخل مرفأ اللاذقية والقلعتان البريتان بأساسهما القديم أساس يوناني، لاحقاً روماني، لاحقاً عربي زمن الإمارة التنوخية لمدينة اللاذقية وصولاً لفترة الحروب الفرنجية.
في عام 1223 أهدمت القلعتان البريتان خوفاً من استيلاء الفرنجة عليها بأمر من الأشرف الموسى الأيوبي أما القلعة البحرية فقد هدمها زلزال عام 1822.
والباقي من القلعة البرية هو فقط القاعدة وهناك طريقان يسلكان للقلعة راجلاً وبدرج طويل.
ثم تحدث عن فكرة دفن الإمام المغربي في هذا المكان الأحب إلى قلبه وعن الرسوم والزخارف والنقش العجمي، وعن النوافذ المختلفة والأرضية الرخامية المختلفة والطراز العثماني في بناء الجوامع:حرم مربع للصلاة يحمل قبة مركزية محمولة على قناطر أو أعمدة وساحة سماوية و رواق شمالي مخصص ليكون مدرسة والمنبر متطاول والمقصورة والمحراب الحجري الموجود في الجامع بلمسة هندسية فنية فيها تحدي. حيث أن أحد الأعمدة الرخامية ثابت والآخر متحرك كما يضم بئراً (بالماضي) موصولاً بمكان على ارتفاع أعلى ( طريقة النواعير) أما المقابر المحيطة فكانت بالماضي موجودة بالقرب من الأماكن الدينية (الإسلامية أو المسيحية) وعلى أطراف المدينة.
اللافت في المقابر الموجودة في القلعة أن الشواهد فيها اختلاف يدل على صاحبها في العصر العثماني تحديداً فمثلاً: قبر يحمل طربوش يعني صاحبه له منصب رسمي– قبر خمس بتلات أو ثلاث بتلات أي صاحبته أنثى، أحياناً قبر فيه وردة مكسور عنقها أي صاحبه طفل صغير وإذا كان شيخ يحاط بلفة خضراء.
كما تحدث كنعان والأب باسكيل كوشكيريان الراعي الروحي لطائفة الأرمن الأرثوذكس في الساحل السوري عن (كيدون الأرمن) والتسمية تعود لكلمتين هاكي أو هوكي تعني الروح ودون تعني بيت أو نزل. والحجاج الأرمن الذين كانوا يأتون من منطقة أرمينيا الكبرى والصغرى في كيليكيا في طريقهم إلى القدس كانوا يمرون بعدّة مدن فبنوا فيها خانات واستراحات وكنائس لتطهير الأرواح فبنوا في اللاذقية هذا الكيدون وهو وقف لدير في القدس يسمى دير مار يعقوب وكنيسة الأرمن 1852 مبنية على شكل صليب مخالف للطراز البيزنطي في البناء والذي بنى الكنيسة هو شخص حلبي ناسك راهب ينتمي للبطرنية في القدس ذكرى لوالده الصفدي ورممت عام 1965 ويضم المكان صالة ومدرسة.
بقي للقول: من يتجول في الكيدون يلمس الطيبة والبساطة والترحاب والعفوية عند القاطنين بالمكان والبيوت والأزقة الضيقة والقديمة تعكس الجو الأسروي والحميمية والذكريات الموجعة تارة والمفرحة تارة أخرى.
رفيدة يونس أحمد