الوحدة: ١-٢-٢٠٢٣
نبحث في خبايا أنفسنا وسراديب أعماقنا عن صديق صدوق يكتم سرنا في زمن التهم الفيسبوك ناسه ليكون فيه كل شيء مستباحاً، تفتك به الألسنة لتتلبد سماؤنا بعيون الكذب والرياء وتفسد الحياة وبهجتها على من دعوناهم أصدقاء. الشاب علي ..طالب بكلية الهندسة أشار بأن الحياة مستحيلة بلا أصدقاء حيث قال : الإنسان الممتلئ بالحب والحياة يرى في جميع من حوله صديقاً جميلاً يمنحه السعادة، وأنا لي الكثير من الأصدقاء في الكلية وغيرهم في الجامعة والحي الذي أسكنه، لكن ليسوا جميعاً بنفس المرتبة أو الدرجة في نفسي، فمنهم رفقة للطريق أو رحلة ومشوار وبعضهم يصل ما يمكن أن يساوي أصدقائي على الفيس فرضوا أنفسهم علي وقبلتهم ولكني لم أشاهد صورهم وألمس حقيقتهم.
ويتابع الحديث عنه صديقه حسن في الكلية ليقول: يوجد آلاف من الأصدقاء الافتراضيين، وهؤلاء لا يمكن مناداتهم غير ذلك أشخاص دخلوا غرفتك دون استئذان وجالوا في أطراف نفسك لكنهم لم يتصفحوا غير ما أخبرتهم به ولا يمكنهم أن يعلموا بمصابك من أفراح أو أحزان غير بعضها ليرددوا ببعض العبارات المستهلكة والصور المستنسخة. الشابة ٱية طالبة طب، أشارت أن لها بعض الصديقات في صفها وخارج جامعتها من بنات قريتها لكنها لا تجد وقتاً لزيارتهم اليوم، فالدراسة تشغلها وتأخذ منها ساعات النهار وفي فترات استراحتها تدردش مع بعضهن على الواتس وتقلب صفحات الفيس، وحتى أنها ترسل بعض المعاينات التي توفر عليها الوقت والجهد، وحتى المال وترى في ذلك سعادتها لكن في بعض العطل وخاصة بعد الامتحانات يجتمعون للسهر وجهاً لوجه.
السيد أمجد..موظف،أشار إلى أنه ليس لديه أصدقاء حقيقيون، وهم زملاء يقضي معهم وقت النهار لكن خارج المؤسسة لا يسمع لهم صوتاً ولا يراهم فهو يسكن في قرية بعيدة عنهم كما أنه على الدوام منشغل بزراعة أرضه ليرجع منها متعباً يأكل وينام، وأكد على أنه في هذا الزمان حيث قلة الحيلة وكثرة الأوجاع ورأينا فيها الوجوه تكتسي بالنهاية والبؤس ابتعد الناس عن بعضهم وانعزلوا في بيوتهم ولم يعد لهم أصدقاء ولا حتى جيران فكل بيت بحاله…
أبو ياسر ..متقاعد ويجلس على طرف باب بيته مع جاره الذي أخرج كرسيه هو الآخر من بابه ليتوسطا الطريق ويلعبا طاولة الزهر فاجأنا بسؤاله..قل من هو صديقك أقل لك من أنت ولكن ليس لنا اليوم أصدقاء ولا أحد يعرفنا، نعم أحب الأصدقاء ولطالما كان في نفسي لهم الكثير، لكن الزمن باعدنا وفيهم من قضى نحبه ومنهم من هو مريض أزوره كل وقت وحين، فالصديق تلجأ إليه عندما تصاب بارتفاع ضغط الدم ولا علاج له، فالأفضل أن تفضفض لصديقك عند الغضب لترتاح وتهدأ وما أكثر اليوم الجلطات وأظن أمرها لعدم توفر الأصدقاء في هذا الزمن الصعب المليء بالأزمات النفسية والمادية وعسر المعيشة والحال.
هدى سلوم
تصفح المزيد..