«اعتذارٌ» غير مقصود

العدد: 9339

25-4-2019

أثار مشهدٌ تلفزيونيٌّ في أحد برامج الأطفال على قناة (السّورية) ضجّة فيسبوكية كبيرة، بين مهاجمٍ لما أسماه بعض المتصفّحين (إباحية) وبين مدافع عنها.
المدافعون لم يروا في المشهد أيّ إساءةٍ أخلاقيةٍ لعقول أبنائهم، وليس فيه ما يشوّه أفكارهم أو يحرف سلوكياتهم، وبرّروا ذلك بأنّ طفل اليوم أمام هذا العالم الأزرق اللامتناهٍ أصبح كلّ شيء بين يديه متاحاً ومباحاً، بلا ضوابط أو قيود، ولا رقابة تردعهم إلّا التوجيه التربويّ الصحيح الذي تتبنّاه أسَرهم ومدارسهم، ولا شكّ أنّ أطفالنا يتعثّرون يومياً بعشرات المَشاهد في المسلسلات الموجّهة للكبار، إلا أنهم من أكثر المتابعين لها، وتمرّ بسلامٍ دون أيّ رادعٍ.
وأكّد بعضهم أنّ زمن اليوم مغاير لزمننا وزمن آبائنا، ولئن مرّ المشهد مرور الكرام في عرضه الأول قبل نحو ثلاثين عاماً، ولم يكن سبباً في تنشئة جيلٍ منحرفٍ متحلّلٍ أخلاقياً فكيف يكون له وقعه وأثره الحادان على نفوس وأخلاقيات أطفالنا؟
وطالب هؤلاء بكسر القيود وضرورة التحرّر من مصائد الفكر المتعصّب وفكّ عقدة الكبت لدينا قبل أطفالنا.
أمّا المهاجمون رأوا أنّ مثل هذه المشاهد المنفلتة من ضوابط الرقابة سبب رئيسيّ لما وصلنا إليه من انحلالٍ وتفكّكٍ أخلاقيّ وفكريّ، وتنافي ما وجدنا عليه آباءنا، وتثير لدى الطّفل تساؤلاتٍ لا إجابات لها ـ في وقتنا الحاضرـ وكان بالإمكان قصّ المشهد طالما لا يخدم فكرة المسلسل الكرتوني ولا يقدم أيّ فائدةٍ أو متعةٍ أو معلومة.
وبين مدافعٍ ومهاجمٍ تلقّى أطفالنا ركلات الترجيح دون أن يدروا، ولولا هذه الضّجة الخلّبية وما خلّفه اعتذار (السورية) لضاعت الطاسة ومرّت بأقلّ الخسائر الممكنة دون أن يدري أحدٌ بها كما مرّت قبل ثلاثين عاماً، ولعلّ تهويل الحدث وتفخيمه يعطِيه حجماً أكبر ممّا يجب، وعلى العقول الرّاقية الواعية المتّزنة حرف البوصلة الإعلامية وضبطها ليس فيما يوجّه إلى الأطفال فحسب، إنّما فيما يقدّم إلى الكبار قبلهم من وجباتٍ بصريةٍ مدعّمةٍ بالعريّ والانحلال.

ريم جبيلي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار