الوحدة 22-1-2023
شاعرة حملت ريشتها المضمخة بالألم، فكان النتاج نوراً، إنها الأديبة سحر غانم، حدثتنا عن ديوانها الجديد، وعن رؤياها الشعرية: * القصيدة المفقودة عنوان يوحي برسالة معينة تريدين إطلاقها، أو بثها من خلال تجربتك الإبداعية، فماذا تقولين بشأن ذلك؟ “القصيدة المفقودة”، هو عنوان لا يشمل ديواني هذا فقط، بل عنوان يشملني بخطوط حياتي كافة، دائماً هناك شيء لم أصل إليه، وأعجز عن كتابته، عنوان يرمز إلي بفقدان حبيبي وطني ذاتي التي لم أصافحها حتى الآن، فهذا العنوان.. جعلني أنجب سماءً ثامنة، أو عاشرة، أو أو، من تلك السماوات السبع، الأم.. في داخلي عنوان لم يصله نبيّ أو مبشر بعد، فلنقل عنه هو عدم الوصول إلى المطلق بحد ذاته. * إلى أي الأفلاك أردتِ الوصول من خلال هذا العمل، وما هي البصمة التي تريدين رسمها؟ دوران الروح فوق محيط الجسد أو داخله هو فلك عنيد مشاكس لا يقف عند عتبة كي يستأذنها، بل يقتحم يتطفل يطير مراهناً بهذا الانفلات من مادته أو كينونته، ليشكل عدة أفلاك تحوم تعلو لا تستكين، تعيش حالة منصهرة بالجمال والإغواء، كدوران الليل والنهار، وهذا الشوق الذي يرافقهما للقاء، وأشبّه دوراني هنا بالباحثة عن قشة تطير في الهواء كي تقصم ظهر البعير. * يقال إن القصيدة التي تكتبها المرأة هي غالباً ما تكون حوارية بينها وبين ظلها، أو بينها وبين الآخر، تكتبها إليه ولهُ وعنه ومنه وفيه، فما هو رأيك؟ أنا كأنثى سأتحدث عني فقط، لا أحب أن أزج المرأة بشكل عام برأيي، أو قصيدتي، علّني أجنبهن المغالاة، فالقصيدة بالنسبة إلي هي مفتاح لا يقبل الأبواب وأقفالها، فأنا بالنسبة إلى القصيدة حالة جنونية بعيدة عن الروتين، عن التنظيم، عن العناوين، فأنا أفلش شعر الكون بفطرتي وتجربتي متحررة من كل القيود، وبخاصة حين أكتب عن سحر، تلك الأنثى المتمردة على ذاتها، وهذا أصعب أنواع التمرد، أو عن حبيب سحر الذي فقدته، الذي جعل منها حزناً يضحك يرقص يصلي يتوه في أنواع القوة… كعاصفة لا تهدأ، وإن هدأت فهناك استيقاظ مباغت للحظة النائمة يدمر السكون ليعيد هيكلته من جديد.. بصورة أوضح، بسكينة أجمل كابتسامة تسخر من سابقاتها. * يقال إن المسألة الإبداعية المتعلقة بالكتابة الحِرفية، في أصلها انفعال، أو فكرة، فالانفعال يتحول إلى شعر، والفكرة تتحول إلى قصص وروايات ونصوص، فما هي نظرتك ضمن هذا المجال؟ الإبداع لا يقف في محراب أو مرآب واحد، فالخيال أكثر اتساعاً من الواقع، ومن روتين نفطره او نتعشاه، قد يأتي على شكل خاطرة تكون بقوة موجة في منتصف بحر في أثناء غرق، أو عوم، أو قصيدة نثرية لازمتني لكونها متحررة من أعباء البحور وميزانها، وحالياً يحرضني خيالي لكتابة الرسائل بعدما ضاق ثوب القصيدة من جسدي، والإلهام حالياً يحوم في مخيلتي لكتابة رواية قد تكون تجيد قراءة تفاصيلي أكثر من الشعر، فهي تنادي سبابتي وإبهامي دائماً، فهي ستكون خلودي الذي أطمح إليه إلى جانب الشعر، إن عنوان “القصيدة المفقودة” ليس فقط لديواني هذا، بل هو طريق أمشيه، أو يمشي إلي بعدة طرق، وكم أتمنى ألا أصل حتى لا أقف.
د. رفيف هلال