اختناقات معيشــية ومسلســلات الانتظار تتوالى تباعاً

العدد: 9338

24-4-2019

 

البنزين . . المازوت . . ازدحامات سرافيس وسيارات على الكازيات . . صحيح أن الأزمة في أوجها وقد سجلت أرقاماً قياسية لم تسجل عند قوم ممن هم على وجه البسيطة، وفي أعلى مستوياتها خلال العطلة واليوم، لكنها لم تأخذ منا شيئاً، العطلة عشناها بكل أوجها وأوجدنا لها مخارج وتصريفاً . .
* أبو فرح، متقاعد ولديه سيارة خاصة أكد أنه يمشي اليوم على قدميه لأجل إحضار لوازم البيت والزوجة، حتى أن زوجته باتت ترافقه في المشوار، حيث لم تكن كذلك عندما كان يركب سيارته قاصداً السوق وحتى لأماكن قريبة لا تبعد خطوات وأمتاراً ويعتبر ذلك فرصة ممتعة ورياضة مفيدة لصحته بعد أن اعتمر الكرش في جسده، كما أنها تذكره بأيام الشباب والجامعة والخطوبة وتلك الأيام الخوالي بلا سيارة أو إشارة، فقد كان كل شيء بسيطاً وجميلاً، ولا حاجة للسيارة غير في السفر وقصد أماكن بعيدة، فقال: صحيح أن أزمة البنزين تنغص تفكيرنا منذ وقت ليس قصيراً، إلا أنها ليست كل شيء، إذ إنّ البطاقة الذكية افتعلت وفعلت لأجل ضبط السرقات والتهريب وجاءت على العكس حيث لهم فنون وجنون ليسلبوا منا بعض الليترات في المحطات ومؤشر العداد لا يتطابق أبداً مع الرصيد وليس من فاتورة ورقية، ويكون بيعها في السوق السوداء ونسكت، وكل الحجج تنهال على المواطن . .

* السيدة لمى، موظفة وأم لبنتين الكبيرة صف رابع، أشارت إلى أنها كانت توصل صغيرتيها إلى المدرسة لتذهب بعدها إلى الدوام، ولطالما توسلت لها الصغيرتان أن تدعهما تذهبان للمدرسة مشياً مع الرفيقات وكذلك زوجها الذي يشكو منها ويلومها على خوفها عليهما ودون مبرر تنال من حريتهما، واليوم كان لهما ذلك وترى الفرح يستطير بهما وتقول (يا ريت من الأول كنت ارتحت أنا والبنات) كما أشارت إلى أن بعض المحطات كانت تتلاعب بالكيل وتلجأ إلى تعبئة 17 لتراً من البنزين في سيارتها ليتصل بها زوجها ويقول: وصلني أنك عبأت السيارة 20 لتراً اليوم، وهو لم يكن كذلك ولم نشكُ، لمن نشكو وبالبطاقة الذكية نشتري؟
كثير من الجمعيات الأهلية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي تحدّوا الأزمة التي تفاقمت في العطلة وتوجهوا بوجهاتهم إلى استبدال السرافيس (بالبسكليتات)، ولمَ لا؟
حنين، لماذا هذه (الزيطة والزمبليطة ع البنزين) وأشارت بكلامها أن يكون في الأمر فائدة لنا وللبيئة حيث كثر التلوث وتدهورت الصحة واستشرى الغلاء في عيشنا، فقالت: عسى أن نعود لأمنا الأرض ونعيش فطرتنا الجميلة ونمشي بأقدامنا على الأرض ليكون لنا بصمة جميلة بلا تشويه ولا دخان سيارات يخنقنا، لنسير إلى وظائفنا كل صباح وفيه الفائدة الكبيرة أم تعودنا على الكسل لنأخذ السرفيس أو التكسي كل يوم وكنا منها ثقيلين ومثقلين بتخمة وبدانة نقوم لها الحميات والبرامج الغذائية والنوادي الرياضية وفيها التعب والإرهاق بأضعاف كما ينهال على الراتب تقتيلا.
آمال – هناك حصار خانق على سوريتنا الحبيبة، لنتحد ترامب، ولنتحمل قليلاً ونحن خير من يتحمل، تحملنا الكثير وصبرنا (صبر أيوب) فقد تجاوزنا الكثير من الصعاب وما لا تتحمله الجبال، نعلم جيداً أن أمريكا تمنع وصول المشتقات النفطية لسورية بالقوة العسكرية وبعض العربان الغربان رضخوا لأمرها لتكون كل الطرقات غير سالكة أمامنا، وتحاول الحكومة بشتى الطرق تأمين النفط الإيراني وكسر طوق الحصار، كما أنها خفضت استهلاكها من الوقود لتوفيره للجيش العربي السورية وهو الأولى به، وثانياً للمشافي والمدارس والجهات الخدمية فلا ينجح حصارهم وغايتهم في شل حركة بلدنا وهو من المستحيل أن ينالوا من وطننا ولا في أهلنا ضعفاً، وقدمت بعض نصائحها لتقول:
لا للسيارة . . إذا كان مشوار أو صبحية أو للعمل لتكن رياضة المشي وسيلتك أو البسكليت، و يا صديقي (المنعنع) تتباهى مساء برصفها أمام الكافيه وأنك عبأت (البنزين ) بشطارتك، لنوقف الازدحام والطوابير على الكازيات للسيارات الخصوصية وتركه للعمومية لنرى الفرق باليوم التالي، لنخفف عنا وعن بلدنا الضغوط والهموم وكلنا جنود لحماية وطننا وكل في موقعه وحسن نيته ووطنيته.
الأزمة تتفاقم بنا ومنا تستطير، وتصفير عدادات السرافيس يطلق العنان لتصفير أبواقها في طوابير السيارات على المحطة في الكراجات حيث يكرجون دواليبها دفعاً دون دعسة بنزين أو مازوت، والناس (موظفون وطلاب وزوار للمدينة لقضاء حاجياتهم وأعمالهم) قد تجمعوا كما في يوم الحشر، ينتظرون وقد نفذ منهم الصبر ولا أمل لهم في سرفيس يتربص رصيف قريتهم، لكن هناك من يأتي من بعيد بسرفيس ليس على خط سيره وينادي إلى مشقيتا 300 ليرة ع الراكب وبعضهم 400 فيهب الجميع للانحشار فيه، أما التكسي فقد وصلت تسعيرتها للألف والسوق مزايدة (ومين بزيد على أونا . .) والغالبون يفترون علينا بالقول: من البارحة وقفنا على الكازية إلى الصبح لننال 20 ليتراً لا تكفي نصف يوم شغل، ونحن المعترين ما بيدنا حيلة مضطرين ومغلوب على أمرنا فليس لنا خيار غير الرضوخ لأمرهم.
الجميع مترقب ومترصد (نيال اللي ع خط القنجرة وجناتا السرافيس أفضل من غيرها وكذلك كرسانا . . والشاطئ . . آه لحظي العسير بيتي في الشبطلية لما لم يكن في المدينة . . لقد صرفت على تجهيزه ما كان ليشتري بيتاً لي في المدينة لم أحسب حساباً للبنزين والسرافيس، ورغم كل المحن والمنغصات ما كنت أشتكي يوماً وجميعها كانت لتهون لولا هذا المصاب الجلل . .)
أبو سامر _ غير موظف يشكي ويلوم نفسه ما الذي دفعه اليوم لقصد المدينة ويعلم يقيناً أن لا سرافيس على الخط، لكنه لم يكن يعلم بحجم المشكلة كما يقول، فهو قد شاهد الكثير ممن يأخذ مخصصاته من البنزين أو المازوت ويسحبها من خزانه ليبيعها بالسوق السوداء ودون عمل وتعب وتشغيل سيارته ينال أضعاف ما يمكن أن يناله في اليوم، إنهم يستغلون حاجة الناس أبشع استغلال، ويزيدون من التوتر والاضطراب في الحركة والنفوس التي أرهقتها الحياة وزادت الطينة بلة أمطار هذا الشتاء، التي تدفعنا لدفع الزيادة وعدم الوقوف في الكراج الذي أفلس من السيارات، علينا نحن الغير موظفين أن لا نخرج من قريتنا اليوم لحين حل أزمة المحروقات، ولنخفف من العجقة والازدحام وندع فرصة ركوب السرافيس ونوفرها للطلاب والموظفين، كما أن الموظف الذي لا نفع من وجوده ولا ضرر في غيابه لما لا يخفف من حمله ويركن في بيته؟ وأيضاً بعض الموظفين يمكن أن يحتالوا في أمرهم ويقوموا بأشغالهم الموكلة إليهم عن طريق النت والمراسلات، فنحن في عصر التكنولوجيا والوصل من بعيد، ولطالما كان في مؤسساتنا فائض من الموظفين ولا عمل لهم غير الجلوس خلف المكاتب وشرب الشاي والقهوة وحرف الأساطير، بطالة والشطارة رفع ثقلهم عن الجميع (ناس وسرافيس وقطاع عام ومؤسسات تحتاج لعاملين غيورين)
اليوم كان الناس بلباسهم وهندامهم تمام التمام ومشرشرين على الطرقات وطول خط سرفيس مشقيتا وقد طال انتظارنا لساعات تجاوزت الثلاث وبعضهم من خاب وعاد لبيته وبقي من شغله لا بد منه تمسك بزمام أي سيارة مرت بجانبه ولو على الباب، لكن عليه أن يعود للكراج قبل مغيب الشمس في الثالثة كما سندريلا يا سلام . .

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار