الوحدة : 13-1-2023
” نكون أو لا نكون” تلك المقولة لشكسبير تحدد الواقع على أرضه لنكون أو لا نكون، ولعلّ حين اعتلت الحكايا خشبة المسرح إنما كان لصوتها نفس الصدى لتلك المقولة… المسرح مرآة الحياة وبوتقته، شخوصه تحمل الوجع أكثر، ولصوتهم نبرات أعلى، فكما كان المسرح ومازال يحمل كل الملامح وإن كانت ضبابية، في سحره شذىً لا يعرفه إلا من عمل وتابع واشتغل على تلك الخشبة الصلبة القوية أمام كل العواصف…
في يوم المسرح العربي الذي يصادف في العاشر من شهر كانون الثاني بدورته الثالثة عشر هذا العام 2023م، وبرعاية د. لبانة مشوح وزيرة الثقافة قدمت مديرية المسارح والموسيقا بالتعاون مع مديريات الثقافة في المحافظات السورية احتفاليتها السنوية بتقديم عروض مسرحية فيها، حيث كان العرض المسرحي” بلااا..بلااا..بلااا” على خشبة دار الأسد باللاذقية عنواناً لهذه الاحتفالية، تزامناً مع عروض مسرحية في بلدان عربية عدة كما اختارت الهيئة العربية للمسرح كلمة للمخرج والفنان العراقي د. جواد الأسدي الذي توجه بالتحية لرموز المسرح العالمي مثل غروتوفسكي، بيتر بروك، جوزيف شاينه، يوري ليبيموف، ايفروست. كما بين أهمية الإخراج ودور المخرجين الحيوي مثل شكسبير وجان جينيه وبيكيت ومارلو وبولغاكوف، أما بالنسبة للمسرح العربي فنوه إلى الظروف الصعبة التي عانى منها المسرح العربي عموماً والتي تسببت في هجرة أعداد كبيرة من رجالات الثقافة من سينمائيين ومسرحيين وتشكيليين وموسيقيين إلى بلدان غير بلدانهم، وتمنى الأسدي في ختام كلمته أن يكون هذا العام، عام مسرح يضيء الدروب بجمهور يزهر ويحتشد ثانية أمام شباك التذاكر”.
عن أهمية المسرح ودوره كانت لنا لقاءات عدة تعرفنا من خلالها على آراء ووجهات نظر حول ما يحمله هذا الهمّ من هموم :
أ.مجد صارم مدير الثقافة باللاذقية: ” في هذا اليوم ونحن نرى عرضاً مسرحياً بهذه المناسبة، المقولة الأساسية التي نعمل عليها أن ندعم هذا المسرح(الشاب)، حيث تسعى مديرية الثقافة دائماً بكل طاقاتها لتقديم كافة الدعم والتسهيلات لإنجاح تلك العروض المسرحية التي نراها متفاوتة المستوى إن كان بالفكرة المطروحة أو النص أو الأداء، لذلك نرى البعض منها جيداً والبعض الآخر بحاجة إلى تكثيف الجهود، وبعضها يصل إلى مستوى حرفيّ ضمن الإمكانيات والظروف الصعبة التي نمر بها، وكما نرى أن ما يقدم على خشبة المسرح هو مزيج من جهود المواهب الشابة والخبرات المسرحية.
وعلى الرغم من قلة الأعمال المسرحية المقدمة مقارنة بالأعمال الفنية الأخرى(سينما أو دراما)، فإننا نرى دائماً الجمهور المتعطش الذي يتوق ويواكب تلك الأعمال المسرحية، لذلك أنه من الواجب أن نتبنى وندعم كل المحاولات والتجارب المسرحية التي تقدم على مسارح المراكز الثقافية.
لذلك نرى أن مديرية الثقافة في اللاذقيةحريصة كل الحرص على نجاح كل العروض ودعم وتقديم كل المتاح لتلك الجهود المسرحية الطموحة. بالإضافة إلى إقامة المهرجانات المسرحية ومنها للأطفال أيضاً. وعلينا ألا ننسى أن هناك عروضاً مسرحية من محافظة اللاذقية شاركت بمهرجانات عربية(العراق).
د. محمد بصل رئيس اتحاد الكتاب العرب في اللاذقية: “من وجهة نظري أتحفظ على عنوان المسرح العربي، فهل يوجد مسرح عربي، وما تعريف هذا المسرح العربي وأين موقعه؟ أين خشباته وماذا يقدم؟ هل هو متعاون ومتحالف؟ أنا برأيي لا أرى مسرحاً عربياً وأستغرب أن يكون هناك مناسبة اسمها يوم المسرح العربي، دعونا نتفق إن كان هناك مسرح عربي، والذي أقصده المسرح الملتزم فكرياً، أما بالنسبة لي أرى ـ أن هناك تجارب مسرحية في الوطن العربي، هناك من هو عربي من حيث التأصيل ومنها ما هو غير عربي دخل فيه ما هو غير عربي مع العربي، وبالتالي كل المسرح لا أعده عربياً وهذا الرأي قد طرحته بأكثر من محاضرة، ويحتاج إلى نقاش طويل وجلسات وحوار، يحتاج إلى رأي ورأي آخر، لنتوقف عند مضمون المسرح العربي، قد دعا سعد الله ونوس من أجل كتابة مسرح عربي من كتاب ومسرحيين من مختلف أقطار الوطن العربي من أجل إيجاد صيغة لبنية مسرح عربي، لكن هذه الدعوات لم تتحول إلى واقع، أنا مؤمن بأنه يجب أن يكون هناك مسرح عربي، وعندما أقول مسرحاً عربياً يجب أن يكون هناك مقومات تجمع التجارب المسرحية في بوتقة واحدة وأسابيع وأيام محددة، هناك تشرذم عربي بالعموم وهو ما ينعكس على المسرح، أنا أتحفظ على عنوان المسرح العربي لأن ما قُدّمَ من ستينيات القرن الماضي والذي هو عصر ازدهار المسرح وما سبقه من تجارب سابقة في القرن التاسع عشر لبعض الرواد كأعمال يعقوب صنوع وجورج أبيض لبعض الرواد الذين أخذوا الفكرة عن الغربيين وحاولوا أن يقدموها في مجتمعاتهم، فجاء منها ما هو غربي بشكل كامل ومنها ما يحمل الأصالة العربية الذي قدمه أبو خليل القباني وتبقى ضمن التجارب المسرحية وما قدم إلى يومنا هذا إنما محاولات مسرحية لا تعبر عن خصوصية مسرح عربي ملتزم بقضاياه.
سلمى حلوم