حوار اﻹنسانيّة في ظل صراع الحضارات…  

الوحدة : 13-1-2023

لا يخفى على أحد، في العقود الأولى من القرن الماضي، سعي الولايات المتحدة الأمريكية المتواصل لإلغاء ما سمي بالتعددية القطبية، والذي يهدد دورها كدولة القطب الواحد والأوحد في العالم .. معتمدة بذلك على النزاعات والانقسامات والصراعات وقيادة الحروب المدمرة هنا وهناك .

” حضارات العالم بين الحوار والصراع ” عنوان المحاضرة القيمة التي قدمها الباحث الأستاذ ضاحي أحمد في المركز الثقافي العربي في طرطوس، والذي صدر له عدة كتب منها

” طرطوس التاريخ والحضارة – هرمجدون – حروب الدجال على سورية – ثقافة المقاومة وزوال إسرائيل..”.

الباحث أوضح أهمية الحوار- الذي تنادي به سورية منذ زمن ولم تزل – أمام ما تتبناه دول الإرهاب وقوى الشر وهو ” الصراع ”

وما بين الصراع والحوار ظهر اتجاهان معاكسان وأطروحتان متناقضتان، على وجه الدقة، في العقد الأخير من القرن الماضي ” فكان المفكر الفرنسي الكبير روجيه غارودي من أبرز الداعمين ودعاة ” الحوار ” بين الحضارات، الذي أكد أهمية التنظيم والحوار بين الشعوب، ويعتمد منهج التسامح والعدل واحترام سيادة كل دولة لمقدراتها، فتختفي من خلاله مظاهر الحتمية والصراعات الطبقية والعرقية، ويسود الأمن والسلم الدوليين، ويقرب الصِّلات بين الشعوب، ويحقق التعاون والتنسيق للوصول إلى أهداف مشتركة واحترام حقوق الإنسان…

وتبنى المفكر الأمريكي / صموئيل هنتنغتون/ الاتجاه الداعي لصراع الحضارات وروّج له المفكر الياباني الأصل أمريكي الجنسية /فاكود دوكاما / في كتابه ” نهاية التاريخ ” أو ما أسماه ” بالقرن الأمريكي ” الذي أيد فيه إنهاء الصراعات ايديولوجياً وجعلها تتخذ شكلاً آخر ( ثقافياً – حضارياً ) بما يصب في مصلحة الولايات المتحدة وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وانتهاء الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي، والذي أسس لظهور القطب الواحد في العالم … ما فرض النظرية القائلة بأن الصراعات بين الشعوب والأمم لن تكون إلا لأسباب حضارية لاختلاف الهوية الحضارية … من هنا قسمت حضارات العالم إلى ثمانية ( الغربية – اليابانية – الصينية – الهندية – الأرثوذوكسية – الإفريقية – اللاتينية – وآخرها الإسلامية ).

تلك التقسيمات هو ما تسعى إلى ترسيخه الولايات المتحدة الأمريكية لمنع وصول أي قوة دولية منافسة، أو موازية لها في قيادة المجتمع الدولي من خلال خلق عدو افتراضي كالاتحاد السوفياتي سابقاً، والصين والإسلام حالياً..

وتأتي الحرب الروسية الأوكرانية بعد ذلك لتغير مصير العالم في جعله عالماً متعدد الأقطاب تسوده الحرية والعدالة والمساواة، وهي محاولة روسية لإعادة تصحيح التاريخ والتخلص من هيمنة القطب الواحد وذلك بنسف مشروع ” الشرق الأوسط الجديد ” والذي استهدف سورية دولة وشعباً منذ عام 2011م حيث كان هدفه الأساس القضاء على محور المقاومة، وجعل الكيان الصهيوني الإرهابي الركيزة الأساسية في المنطقة أمنياً واقتصادياً وسياسياً، وما قبل سورية كان هناك الحرب على أفغانستان في العام 2001م، والعراق عام 2003 م، ولا ننسى حرب الأربعين عاماً على إيران اقتصادياً… كل ذلك لتنفيذ ما يسمى الحضارة الغربية على حساب دول العالم أجمع، وهذا ما أشار إليه السيد الرئيس بشار الأسد مخاطباً شعبه بالقول : ” قدر سورية أن تكون عزيزة قوية مقاومة… الإرهاب لا وطن له ولا حدود توقفه، وهو يستهدف الجميع ويهدف إلى إضعاف وتقسيم دول المنطقة تحت عناوين ومسمّيات عرقية وطائفية غريبة عن شعوبها، فلا سياسة ولا اقتصاد ولا ثقافة ولا أمان ولا حتى أخلاق حيثما يحل الإرهاب. “…

صمود سورية ساهم في بلورة نظام عالمي جديد.. عالم متعدد الأقطاب يسعى لتحقيق الأمن والسلم الدوليين، ونشر التعاون والتضامن بين أبناء البشرية جمعاء… تكون “روسيا والصين ” أحد دعائم الأمن والأمان في عالم تتفاعل وتتحاور فيه الحضارات بدلاً من التناحر والصراع…

نعمى كلتوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار