نوار مورللي… تجربة تشكيلية مستقلة

الوحدة: 8- 1- 2023

يفضل العمل بصمت واجتهاد وتواضع على مدى ثلاثة عقود معتبراً الفن نَفَسَهُ وحريّته، ليشار إلى تشكيله بإعجاب.إنّه الفنان نوّار مورللي عضو اتحاد تشكيليي اللاذقية.

يحدّثنا عن تجربته وشغفه الفني بعد صمت طال فيقول:

أنا نوّار ولطالما كان النور صديقي الذي يُرشد روحي لتأمّل الحياة، فمرّة أراقب السماء، ومرّة أرسم على الرمل، ومرّة أجرّب إحداث حفرة في الأرض وأتبع مسيرة المياه إليها، ومرّات أسكن أمام يدي والدي وهي ترسم لوحةً.

كان لديّ شعورٌ بنصر صغير، في كل مرّة  أجمع نقودي وأحصل على لون جديد أعيدُ للجدار رسم ملامحه لأجعله يتكلّم، حتى باتت الأزقّة الساحلية جزءاً لا يتجزأ مني.

ويتابع كلامه عن تعمقه في عالم الرسم الاحترافي فيشرح:

ما بين عمق البحر وزرقة السماء وأشجار الليمون بدأت شخصيتي المشاكسة بالتشكّل، فكان انتسابي كهاوٍ صغير لمدرسة التخصصيّة، جزء جميل من اعترافي اليوم بتمرّدي على ذاتي، وعلى القواعد والملاحظات التي سمعتُ ما أريد من كلماتها، ونسيتُ عمداً ما أريده منصرفاً لأكون (المخترع الصغير) كما دعاني والدي.

تولّدت رغبتي في النحت أيضاً في سن مبكرة، ليس من أجل النحت بحدّ ذاته، وإنما للتعرّف على الأشكال من كافة الزوايا ورؤية ما وراء الوجوه.

كما كان للتصوير الذي امتهنته في شبابي، كوني ابن المصور مورللي الأشهر في اللاذقية، وهذا أثر هام في تطوير تجربتي وبحثي الفنّي، ولعبتي مع الضوء والكتلة، والتعمّق في البعد الفلسفي للشكل للوصول إلى أسلوبي الخاص.

بهذا انتقلت من طفل يرسم كل ما يراه إلى شابّ تغريه روح الأشياء وجوهرها، وهنا اقتنعت أنّ ما أعيش من أجله هو الفن.

وينتقل للحديث عن مرحلة جديدة فيوضّح:

بدأت جهدي الذاتي في دراسة الفن بمعناه ومدارسه وأدواته، وزاد إيماني بفكرة أن تكون فناناً يعني أن تكون مخترعاً فضولياً وطفلاً مشاكساً يرضي فضوله بمتعة.

وبدأت من الرمال وشباك الصيد وقشر الرمان وحتى بلاط المنزل كأدوات حقيقية للرسم، لأني مؤمن أن كل ما حولي مسخّر لأجل قلبي. كان ميلي للبرتقالي، إلاّ أن كل الألوان كانت قريبة ومحبّبة لنفسي. وبما أنني مستمر بمهنة التصوير الضوئي جعلتُ كل صورة في خيالي مشروعَ لوحةٍ. كنت مشغولاً أيضاً بقراءة كتب الفن والتغذية البصريّة والتجارب اللونيّة، وكنت رافضاً لتجزئة الفن، ومقدّراً لأهمية كل المدارس الفنية، وذلك ساعدني في الإجابة عند سؤالي عن المدرسة التي أنتمي إليها، لأنني لا أنتمي لمدرسة، ولكن السوريالية هي الأقرب لمعتقداتي.

ولا بدّ أن أكثر ما ساعدني في التعرّف إلى ذاتي هو خلوتي في مرسمي، تلك المنطقة التي تملؤني سلاماً.

أؤمن بطاقة الإنسان والتوازن بين المتناقضات، وقد أثّر ذلك بلوحتي مباشرةً. لم أتحيّز لفكرة، أو إلى لون أو شعور، بل أكون حرّاً تماماً في حضرة لوحتي التي تفاجئني بشيء جديد ومميّز في كل مرة.

ويختم:

وكما حبّي للوحتي، يجذبني الأشخاص المتقنين لقوّة الفكرة، ورقّة العمل.

وأعتقد أن المعرض الحقيقي، هو وجدان الفنان، ومكان فكرته. كما أنني ممتنٌّ دوماً لأؤلئك الفنانين الذين يشعرون بكلّ ما أُوتوا من أحاسيس لإنجاز عمل عظيم.

مهى الشريقي

تصفح المزيد..
آخر الأخبار