الوحدة : 23-12-2022
بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، أقام قصر الثقافة في بانياس محاضرة بعنوان (عالمية اللغة العربية) قدمتها الدكتورة ريان جلول، وقالت فيها: محاضرتنا بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية ونسعى من خلالها إلى إثبات المفارقة بين العنوان والمناسبة، أي هناك فرق بين اليوم العالمي للغة العربية، واللغة العربية بصفتها العالمية، فاليوم العالمي للغة العربية هو يوم الاعتراف باللغة العربية لغة رسمية في منظمة الأمم المتحدة، وتم الاتفاق على أن يكون اليوم الثامن عشر من كانون الأول هو يوم الاحتفال باللغة العربية بصفتها العالمية، ووفق ذلك نرى تحديداً وتقييداً في الزمان والمكان، وأضافت: نحن مع عالمية اللغة العربية سنتجاوز التحديد الزماني لتنفتح اللغة العربية على اللامحدودية، فهي تتجاوز الحدود الزمانية والمكانية بصفتها العالمية، ويترسخ ذلك عندما نعود إلى القرآن الكريم لنجد أن اللغة العربية لغة الوحي و لغة اتصال الأرض بالسماء وتختص بذلك دون غيرها، وأثر ذلك في ازدهارها الحضاري في تاريخها اللغوي، وسنميز بين عالمية اللغة العربية على المستوى اللغوي وعلى المستويين العلمي والأدبي، ونقصد بالمستوى اللغوي اللغة العربية خارج الحدود القومية للوطن العربي أي عندما تكون اللغة العربية اللغة الثانية لغير الناطقين بها ومدى الإقبال على تعلمها وتعليمها، ولاسيما في دول صناعية كبرى منها الصين والسويد واليابان وكوريا وغيرها، حيث يوجد في كل من هذه الدول جامعات ومعاهد لتدريس اللغات الأجنبية ومن ضمنها اللغة العربية. وفق الاحصائيات الحديثة تحتل اللغة العربية المركز الرابع بين أكثر اللغات انتشاراً على مستوى العالم، أي أن لها مركزاً متقدماً على الرغم من أنها من أصعب اللغات، كما أنها وحسب الإحصائيات تحتل المرتبة الثالثة في الصعوبة بعد اللغتين اليابانية والصينية، مع التفوق التكنولوجي الحديث تؤكد اللغة العربية قوة عالميتها بأنها من أكثر اللغات نمواً على شبكة الانترنت، فقد تقدمت من المرتبة السابعة وفق آحصائية العام العاشر بعد الألفين إلى المرتبة الرابعة وفق إحصائية العام السابع عشر بعد الألفين، على الرغم من أن خدمة الانترنت في الوطن العربي ماتزال حتى الآن محدودة، لذلك يعد هذا المركز متقدماً للغة العربية. ونوهت أنه وفق ذلك اللغة العربية هي من أقدم اللغات السامية حفاظاً على وجودها زماناً إلى الآن وحفاظاً على قدمها وحضارتها في عصرنا الحاضر هي من أكثر اللغات شهرة وانتشاراً على مستوى العالم، لاسيما في مواكبة المسار الحضاري الذي يشهده العالم اليوم لتفرض حضورها بقوة وفق علم التكنولوجيا والمعلومات، أما على المستويين العلمي والأدبي نركز في المستوى العلمي على شهادات غير العرب باللغة العربية، حتى نعزز صفة العالمية فهناك مثلاً المستشرق الفرنسي ماسينيون أثبت قدرة اللغة العربية على التعبير الفلسفي المجرد أكثر من غيرها والمستشرق البريطاني براون أيضاً رأى قدرة اللغة العربية على التعبير عن الأغراض العلمية وصلاحيتها لذلك أكثر من غيرها، أما على المستوى الأدبي وهنا نقصد الأدب العربي بحد ذاته، ولكن عندما يتجاوز الحدود القومية واللغوية للوطن العربي و يصل أيضاً للشعوب الأخرى عبر حركة الترجمة والانفتاح الثقافي والمعرفي فيصبح جزءاً من نتاج إنساني عالمي، ويندرج ضمن ذلك شعر المعلقات وأدب الجاحظ، بالإضافة إلى رسالة الغفران وطوق الحمامة وصولاً إلى أدب جبران خليل جبران وأدونيس، وأضافت: نحن نتعامل مع أدبنا العربي على أنه أدب قومي، ولكن عالمية الأدب تجعلنا ننظر إليه نظرة أعمق وأعم ليصبح جزءاً من نتاج عالمي وفق الآداب العالمية يعنى بصلاته بها. هنا يأتي دور الأدب المقارن الذي يسلط الضوء على الظواهر الأدبية التي تتخطى حدود الأدب الواحد، فيدرس التأثر والتأثير والمأتلف والمختلف بين أدب عربي وآخر غربي، فمثلاً قصة حب قيس وليلى والحب العذري المشهورة وصل تأثيرها منذ القرن السادس الهجري إلى الأدب الفارسي. وافتتحت حركة الاستشراق في القرن التاسع عشر في روسيا، فظهرت مؤثرات شرقية وإيحاءات عربية إسلامية في شعر ميخائيل. وفي الختام والتوصيات نحن نقر أن اللغة العربية اليوم تواجه تحديات صعبة على أرض الواقع ولاسيما أن أبناءها ليسوا من يحمل لواء الحضارة، ومع ذلك تم إثبات عالمية اللغة العربية زماناً ومكاناً، وما نسعى إليه هو إيجاد حلول واقعية تعزز ثبات اللغة العربية داخل الوطن العربي وخارجه على أن يكون حملتها هم الأقوياء، لأن قوة اللغة بقوة أبنائها، وذلك بترسيخ مبادئ اللغة العربية وترسيخ صمود لغتنا أمام تحديات اليوم التي تجاوزت مجرد وصفها لغة قوم بعينهم إلى المساس بهويتهم وانتمائهم القومي، ولاسيما أن وحدة اللغة واللسان العربي هي مقوم أساسي من مقومات الوحدة المنشودة لأهداف أمتنا العربية من المحيط إلى الخليج ومن الشرق إلى الغرب، ومن ثم فإن تفريط أبنائها بها هو تفريط بالهوية والانتماء.
رنا ياسين غانم