الوحدة: ٢١-١٢-٢٠٢٢
يقول الفيلسوف الألماني غوته: (يمكن للإنسان أن يتكلّم بلغاتٍ متعددة لكنّه لا يعيش إلا بلغةٍ واحدة)، فاللغة هويّتنا التي تجذّرت في السماء وتفرّعت في الأرض، والعربيّة هي لغتنا الأصيلة وقلعتنا الحصينة، وأداة تواصلنا مع العالم، واكتساب المعرفة وإنماء الفكر الذي يعدّ جسد اللغة واللغة ثوبه.
تزامناً مع الاحتفاء باليوم العالمي للُّغة العربيّة لابدّ من التأكيد على ضرورة إتقانها قراءةً وكتابةً وتحدّثاً للنهوض بالأمة حضارياً وفكرياً، فهي عظيمةٌ بخصائصها ومفرداتها وتراكيبها ومعانيها واشتقاقاتها… موغلةٌ في القدم أزل التاريخ والحضارات، إنها سيّدة اللغات، بها أُنزل القرآن الكريم، ومنها بدأت ابتكارات الشعوب، فهي الناقل الأول والأكبر لثقافات الأمم، والوسيلة الأفضل للتعبير عن مكنونات النفس البشرية واحتياجاتها الروحية والفكرية والجسدية…
واليوم تعيش لغتنا الأمّ التحدي الأكبر وسط هذا العالم الكوني اللامتناهي، ولعلّ أخطر تحدّياتها (العامّية) التي تستخدم بقوّة عبر وسائل ومنصّات التواصل الاجتماعي، ما يسيء إلى تاريخها ويؤدي إلى إضعافها الذي ينتهي بدوره إلى إضعاف الفكر المنتمي إليها وطمس وجودنا القومي وهويتنا العربية القومية، ليس هذا وحسب إنّما ثمّة أسباب جوهرية أخرى تضعفها وتنال من قوتها ومنها عدم استخدام اللغة العربية الفصحى بالشكل الأمثل في مدارسنا وجامعاتنا التي تشكل الحلقة الأولى و الأقوى لتمتينها، وعدم حثّ وتشجيع الطلبة على الاستخدام المستمر والمتواصل لها، عدا عن الجمود في طرائق تدريسها وتعليمها…
هذا كلّه يدفعنا إلى دقّ ناقوس الخطر من أجل الاعتناء بنشر اللغة العربية الفصحى بين مختلف فئات المجتمع، والتركيز على رفد مدارسنا بأصحاب الاختصاص المؤهّلين علمياً وأكاديمياً لتدريسها وفق أفضل الطرائق والسّبل.
كما يحتّم علينا كإعلاميين التركيز على بناء هذا الركن الأساسي في بناء هويّتنا الإعلامية وترسيخ قواعدها الإعرابية والإنشائية والابتعاد كلّيّاً عمّا يضعفها ويشتت بُنيانها.. والتصدّي للغزو الثقافي اللغوي بكلّ إمكانياتنا ومقدراتنا اللغوية والفكرية والعلمية..
لغة الضّاد لغةٌ حيّة باقية، فيها خلود الإنسان، هي اللغة الكونية الوحيدة التي ينطق لفظها معناها بجمالية آسرة، لتبقى مرجعنا الثقافي وإرثنا الإنساني الزاخر الذي يعدّ الفضاء الأرحب للحضارة العربية.. إنّها أمّ اللغات، ومن حروف أبجديّتها تلاقحت اللهجات واللغات في مشرق الأرض ومغاربها.
ريم جبيلي