الوحدة: ١٨-١٢-٢٠٢٢
هي عبارة عن عملية صناعة وبحث بمكنونات عناصر الطبيعة، وإعادة الحياة والحركة لمكونات هامشية والقيام بتقديم الجماد بأشكال وأوضاع مختلفة، وهذا كله بحاجة لنظرة فنية تمتلك القدرة الكاملة على الاكتشاف وإعطاء الروح والحركة لمواد يتم خلطها بأيدٍ قديرة، ويتجلّى هذا الأمر من خلال الإبداع بصناعة الفخّاريات التي تتكوّن من عجينة طينية تسمّى الصلصال، بعد تحضير مادة ” كتان زرقا ” وإضافة نسبة أكبر من مادّة السيراميك والرمل، فيتم عجنها وتصنيع الدولاب، ثم يتم تنشيف القطع المطلوبة لتأخذ شكلاً أبيض اللون، يلي ذلك مرحلة الحرق عبر فرن يعمل بوقود الحطب، وبعدها يتم تلوين القطع المطلوبة بحرفية، وتعريضها لعمليات التنشيف الطبيعي بأماكن واسعة ونظيفة، بعيدة عن تقلّبات الطقس، وتضم هذه العملية صناعة الكثير من التحف المختلفة والأواني المنزلية والمطبخية التي تضاهي تلك القادمة من وراء البحار وألوانها الآلية البعيدة عن لمسات الأيدي السحرية وروح الحياة، ومن هذه المصنوعات اليدوية، المزهريات وأشكالها المختلفة، إضافة لأباريق مياه الشرب والطوامير بحجومها المختلفة وقطع صغيرة خزفية تنمّ عن براعة وتقانة موروثة.
الشاب الحلبي عماد كركوش هو أحد المتعطّشين لإظهار موهبته في صناعة الفخاريات الخزفيات منذ ٢٥ عاماً، بُعده عن معقل الصناعات الكلّي (حلب) لم يمنعه من مواصلة تنمية موهبته وإظهار قدرته في إطلاق فنون الصناعة اليدوية، حيث احتضنته قرية ستمرخو في بيئة عفوية، قدّم من هناك إمكانية الاستمرار وتقديم الذات في غربة أخوية تعلّم من خلالها فنون وأصول الضيافة وحسنها فأجاد العمل وقدّم لأهلها ما لديه من إرث في الجلَد والإتقان ، ليكون أنموذجاً يحتذى بالكدّ والتفاني بالعمل، فأصبح لديه عالمه الخاص، يتقن فنّ المتاجرة بهذه الأواني الفخّارية عبر تواصي تجّار ومحلات الأشغال اليدوية، وفي نهاية المطاف قدّم للجميع قدرة استثنائية على التأقلم لكسب الحياة الكريمة والاستمرار بعيداً عن الاستكانة والرضوخ لعذابات البُعد عن المربى.
سليمان حسين
تصفح المزيد..