الوحدة 15-12-2022
الفلاح التعب، صاحب الأرض والشقاء المتنقّل، بالأمس القريب أنهى عمله في قطاف الزيتون وبدأ التهيئة لموسم الشتاء الطويل وزراعاته المتنوّعة، لم ينم قرير العين حتى ينتهي من هذه المهمّة قبل الدخول في سبات الشتاء الطويل .. ضغط آخر يقع على عاتق هذه الفئة الواسعة من مجتمعنا، وهي أبناء الأرض من فلاحين مزارعين يتعاملون مع ظروف الطبيعة لإدارة حياتهم المعيشية، ففي هذه الأوقات من السنة يبدأ هؤلاء بالبحث عن مصدر رزقهم القادم عبر تجهيز أراضيهم وزراعتها بالمواسم الشتوية ذات المردودية المعيلة بكل المقاييس، ومن هنا تتم عمليات التعامل مع الطقس المتقلّب وحراثة الأراضي لبذرها بالحبوب المناسبة كالفول والقمح والبازيلاء والقيام بشتل الخضراوات والبقول كالملفوف والزهرة والخس والبصل والفجل والسبانخ والسلق، وجميعها تُعتبر زراعات شتوية ربيعية يعتمد عليها الجميع لإدارة متطلبات الشتاء الطويل، لكن من خلال التقصّي عن كيفية الحصول على تلك البذور والشتول تبيّن أن أسعارها تكوي جيوب محبيها بقسوة، لكن لا مفرّ من زراعتها في ظل الضائقة التي تُحكم سيطرتها على الجميع. ومن خلال جولة على بعض المزارعين، فقد انصبّت معاناتهم في اتجاهات عدّة تتمثل بأسعار مجنونة للبذار بأنواعها، إضافة لقساوة الطقس التي تُجهد هذه العملية أو تعمل على تأخّرها إذا أصاب الجفاف هذه المزروعات الغضّة، وتحدّث آخرون مطوّلاً عن آثار العواصف المطرية والرياح التي تخرب كافة المزروعات وقد تعمل على تغيير معالم الطبيعة إذا اجتمعت الأمطار الغزيرة إلى جانب الرياح، كما تحدّث البعض عن مطبات أخرى وقع الفلاح بها العام الماضي تمثّلت برداءة القمح الذي اشتروه من المنافذ الحكومية الرسمية فلم تقدّم الإنتاج المُنتظر فوقعوا بخسارة كبيرة انعكست على أوضاعهم بكافة الاتجاهات، فغالبيتهم يعتاشون على مردودها الجيد (بنظرهم) في وقت استفاد غيرهم عندما بذروا مساحاتهم من إنتاجهم القديم فقدّم لهم موسماً مميّزاً سواء بالحبوب أم بجودة السنابل التي تصبح تبناً للعلف، جميع هذه الزراعات بحاجة إلى السماد حتى تعطي مردودية مقبولة تعود بالنفع على أصحابها من خلال إنتاج جيّد وخَضار يانع، لكن كمن يمشي عكس التيار، فأسعار السماد في صعود مضطرد (إن وُجد) وهذا يحتّم على المزارع البحث عن السماد البديل الذي بدأ ينافس الصناعي الكيماوي، وهذا الأمر قد يتطلب السفر إلى مزارع المحافظات الأخرى التي تنتشر فيها تربية كافّة أنواع المواشي، وهنا المشكلة الأخرى التي تكمن بأسعار الوقود وعمليات النقل.
سليمان حسين