الوحدة : 4-12-2022
إنها المرة الأولى في دار الأسد وسابقة لم نرها من قبل، فجميعهم متأنقون، وبكامل حلتهم يقدمون محاضرتهم بلا ألوان، وكلماتهم رسمت على ورق لا لوحة فيها ولا قماش, فلم نعتد أن نرى فناناً تشكيلياً (بمريول) أبيض علقت عليه ألوان قوس قزح كالفراشات، يصعد إلى المنصة بلا ميكرفون ويمسك بسكينه ذات (15عاماً ) ليضربها على ألوانه وينسج أفكاره على قماشته البيضاء أمام جمهور سكنه الصمت لساعة وأكثر والعين تصرخ (يا للجمال).
أقيمت في دار الأسد ورشة عمل فنية بعنوان (تعريف بمادة الأكرليك والتمازج اللوني) للفنان التشكيلي إسماعيل توتونجي – أستاذ في كلية الفنون الجميلة بجامعة تشرين، بدعوة من مديرية الثقافة ودار الأسد،
على هامش الورشة، التي كان فيها الرسم الحر بلا كلام سوى بعض التفسيرات، كان لنا منه بعض الإجابات على أسئلتنا التي تمحورت حول عنوان الورشة ومادة الأكرليك، فقال بداية:
أحببت أن يكون في اللقاء رسم حر, وفيه كل الكلام للتعريف بمادة الأكرليك غير المتعارف عليها بمحافظة اللاذقية تحديداً، فمعظمهم ليس لديهم معرفة شاملة بمادة الأكرليك وكيفية التعامل بها، لهذا السبب أنا لبيت الدعوة و أنفذ ثلاثة أعمال فنية، أي رسومات ثلاث كل منها بأسلوب، لأن الفن هو مدارس مثلما نعلم، و بمادة الأكرليك تحديداً، ولأشرح عن مادة الأكرليك ونوعيتها وكيفية التعامل معها ولزوجتها.
ليس لأن الأمر جديد، بل إن الأمر يكمن بأن لا أحد يتداولها أو أنهم يخافون من طبيعتها, أو لأن معظم الفنانين و معظم الطلاب الذين دخلوا بمرحلة الفن التشكيلي يستخدمون الألوان الزيتية، وأنا للأسف الشديد أنصح بقولي: مادة الألوان الزيتية غير صحية إطلاقاً، والأكرليك أفضل، السبب الأول مادة الأكرليك تمزج مع الماء فيكون تعاملها وسلاستها ذات أسلوب الزيتي، بينما المادة الزيتية تتعلق بمادة اسمها التربنتي و استنشاقها يؤثر بالرئتين خاصة إذا كان العمل فيها في الأماكن المغلقة.
ثلاث لوحات خلال ساعة واحدة أرسمها لثلاث مدارس، أشتغلها من بدايتها لنهايتها من طلي السانشيه والمواد التي توضع عليها وتأسيسها وكأنها فكرة جديدة، كل الشكر لمديرية الثقافة ودار الأسد لإتاحة هذه الفرصة ودعوتي للرسم المباشر بمادة الأكرليك.
ليس من الواجب ان يتبع الفنان مدرسة واحدة ويمكن أن يكون متعدد المدارس والأساليب, نحن كأساتذة في كلية الفنون الجميلة من المفروض أن يكون لدينا وعي متكامل، مثل الطبيب يدرس في السنوات الأولى الطب الشامل وبعدها يقوم بالاختصاص، ونحن أيضاً بما أنه لدينا الخبرة الكافية للمدارس المتعددة، فمن واجبنا أن نعطيها لطلابنا، ونضعها بأفكارهم، ومع التقدم كل واحد منهم يختار مدرسة لحياته الخاصة، لكن نحن كمدرسين وأساتذة من الواجب علينا أن نمنحهم كل القواعد والآداب الأساسية التي نعرفها، كونهم جيل المستقبل.
ونحن الآن الجيل الأكبر سناً، ومع تقدم السن نترك فرصة لغيرنا ليتطوروا.
الفن كرسالة تتوارثها الأجيال عبر مسيرتها الفنية لنعمل نهضة كبيرة فنية بأنحاء سورية، مع العلم أن سورية بالحقيقة معطاءة بفنها ومجالات أخرى، كالموسيقا أو الغناء أو التصوير أو التمثيل .. سورية أم الحضارة والتاريخ والإبداع.
وأنا كفنان أبدع بموهبتي وأبدع بعطائي، ومن واجبي أن أقدم الرسالة التي أعرفها، فأنا دائماً أقول الفن رسالة… رسالة تتوارثها الأجيال عبر مسيرتها.
هدى سلوم