الوحدة 3-12-2022
لا يمكن لحضارة أن ترتقي بدون جناحيها الرجل والمرأة بفعالية عالية لكليهما، لنراكم بهما سوياً المحصلة القصوى لزخم القوة الضرورية لتطور المجتمعات وعلوها، و بطبيعة الحال لا بدّ من امتلاك الإيجابيّة الأهم من جانب الأنثى، لأنها نصف المجتمع من جهة و مربيّة النصف الآخر من جهة أخرى.
و لا يمكن لهذا الدور أن يكون رائداً من دون توفر الوعي الفردي و الجمعي، مع انتشار واقع ثقافي راق يشكل الضامن الرئيسي لهذا الدور وفق حالة مجتمعية سامية و مديدة، انطلاقاً مما سبق التقينا أ.د سوسن الضرف أستاذة في قسم اللغة الفرنسية،كلية الآداب والعلوم الإنسانية، لها العديد من المحاضرات في مجالات ثقافية متنوعة لنتكلم عن مفهوم المرأة المثقفة وفقاً لمعايير تعليميّة واجتماعية ومدى أهمية ثقافة المرأة.
بداية قالت أ.د.سوسن :
لا يمكن أن نجد امرأة مثقفة بالمعنى الصحيح بعيداً عن مفهوم الوعي، فالمرأة المثقفة برأيي هي التي تعي تماماً معنى ثقافتها، فتوظفها بشكل إيجابي وفي المجال المناسب، ولابدّ أن تكون ثقافتها ملتصقة بدرجة عالية من الوعي بحيث يتقبلها المجتمع بل ويحميها لأنها لم تقم بإلغاء دورها الأساسي والمطلوب منها أولاً وأخيراً.
* لعبت المرأة دوراً محورياً في نهضة المجتمعات القديمة والحديثة وأثبتت من خلال هذا الدور قدرتها على التغيير الإيجابي في تلك المجتمعات، ما الذي تستطيع فعله من أجل تنمية المجتمع، ودفع عجلة تطور المجتمعات؟
– لقد أتى دور المرأة إيجابياً في مرحلة ما، لأنه كان مصححاً ومصلحاً لواقع بائس أو على الأقل فيه انتقاص لقيمتها، حيث كانت تعاني من ظلم ما، فكانت ردة فعلها كثورة طيبة أتت ثمارها مليئة بالالتزام والإيجابية.
أما في وقتنا الحالي الذي نالت فيه المرأة مستوى عالياً من المساواة وعرفت بطريقة ما معنى الانفتاح والانعتاق والحرية فإن دورها أصبح دقيقاً وعلى المحك كما يقال. أمامها تحدٍّ واضح يكمن في قدرتها على “صون” نجاحاتها وحمايتها عبر العمل على عدم تجاوز بعد الخطوط الحمر الواضحة لأن في ذلك خطراً على إنجازاتها، وعلى صورتها التي قبل بها المجتمع ودعمها. ونعود هنا لفكرة الوعي فهذه الخطوة المهمة تتطلب الكثير من الوعي والحرص.
* كيف تساهم المرأة الناجحة في الحياة العامة؟
– لكل امرأة مجال تعمل فيه حتى لو كانت ربة منزل، لا شيء يلجم إرادتها الطيبة حتى لو اقتصر عملها على تلقين المبادئ والمفاهيم الصحيحة لأولادها ولمن حولها ففي ذلك إنجاز رهيب.
أما المرأة العاملة فقد أثبتت أنها “أخت رجال”، واستطاعت تحقيق نوع من المساواة سواء في الجهد أو الإبداع.
المعضلة تكمن في أنه عليها التمسك بدورها الأساسي وعدم التخلي عن صورتها الجميلة التي وهبتها إياها الطبيعة.
عندما تغفل عما هو من صلب مهامها تكون قد خسرت الكثير مقابل ما كسبته في سباقها مع الرجل والمجتمع. وهنا أيضاً يبرز الوعي المترافق بنوع من الرضا والقوة بآن معاً.
* بوصفك امرأة ناجحة، فقد عرفناك أستاذة جامعية في قسم اللغة الفرنسية ومحاضرة في المجالات الثقافية كافة، على ماذا اعتمدت في محاضراتك، وعناوين محاضراتك الثقافية؟ من أين تستمدينها، وما الجامع بين الأدب الفرنسي والثقافات المختلفة ؟
– أتمنى كثيراً أن أكون امرأة ناجحة كما تفضلتم ولا أملّ من السعي لذلك، وطالما أحببت مشاركة من حولي أي أفكار أو قراءات أو معلومات أحصل عليها عبر اطلاعاتي وبحوثي التي تقودني إليها جهودي المستمرة.
صحيح أن الفضول ليس محبباً لكنني أراه مفيداً جداً في مجال المعرفة. إن لم نكن فضوليين في الاطلاع والاستطلاع، فلن تتسع مداركنا ولن تتحسن معرفتنا.
إنني أحرص على التنويع في القراءات ولو بعيداً عن مجال الأدب وأبحث دائماً في زوايا مخبأة ومختلفة الإضاءات: دينية، عقائدية، علمية، تاريخية، جغرافية، طبية، وحتى فلسفية.
وفي كل زاوية أحصل على مكاسب وإغناء ومتعة، فلمَ لا أتشارك تلك المعلومات مع من حولي؟ وهذا النوع من التشارك هو بحد ذاته عمل منتج ومفيد،فكيف يتطور مجتمع تسوده الأنانية؟.
* كلمة أخيرة:
– أريد التأكيد على تعريف المرأة المثقفة فإن لم تتمتع بالوعي الكافي لن يكون بإمكانها إثبات ثقافتها وستكون صورتها منتقصة أو حتى مشوهة وستأتي جهودها فاشلة ويتم فهمها بشكل خاطى تماماً.
نور محمّد حاتم