الوحدة 1-12-2022
هل تشبه الأرواح أجسادها ؟ سؤال ميتافيزيقي وجوابه أكثر ميتافيزيقية،حيث دونت تساؤلي حضرني عنوان ( الأرواح المتمردة ) للعبقري جبران خليل جبران، ولم اعرف السبب الذي حرض ذاكرتي لتذكر هذا العنوان، ربما لأن روحي تمردت أصلاً حول فكرة الأرواح الإسمنتية التي تصادفني وأضطر للتعامل معها، وهي أرواح أشخاص تجردت مشاعرهم من الإنسانية حتى غدت من الإسمنت وما أبشعها، وما أبشع الإسمنت !! يليق بالمبنى أن يكون جميلاً، ويكون كذلك إذا كان من الحجر يحمل في تعرجاته جمال طبيعة الأرض وروحها في تنافره وملمسه وألوانه. أما المبنى الإسمنتي فهو بلا روح وبلا جمال لأنه عكس البيوت الحجرية، كلما طال بها العمر تجلى جمالها،وكلما طال به العمر بدت فظاعته في التحلل الذي يصيبه وكأنه جثة لم توار التراب ، هكذا أرى العمارات الجديدة في تجوالي، أراها بشعة جداً عكس المباني القديمة الحجرية التي إن مررت بها أرى لوحة جميلة وأكاد أشم عرق حرفييها في زخرفة بسيطة ملونة، وفي قنطرة تأخذني للتحليق بعيداً حتى أخال نفسي ولادة وهي تقف من شرفة الأندلس ترقب ابن زيدون. لم تأت اعتباطاً مقارنة الأسمنت أو الحجر مع الأرواح وأجسادها ؟ فالروح الإسمنتية هي التي يغلب عليها جسدها ولا تغلب عليه، وإن فعلت تكون روحاً حقيقية بما تفيض من مشاعر وإنسانية تجاه الآخرين تكون روحاً عبقرية كعبقرية جبران تكون روحاً حرة متوهجة لا جامدة وسجينة كما الإسمنت. أرواح الإسمنت تشبه أجسادها كثيراً لأن الجسد الخالي من روح جميلة محبة معطاءة وحساسة هو جسد أشبه بالجدار وبالجماد. من جميع الجهات يحيط بنا الإسمنت في المباني التي أعلن أصحابها الطلاق مع الحجر الجميل،وكذلك في الأشخاص الذين أعلنوا الطلاق مع الإنسانية، فباتوا جماداً إسمنتيين ، لا تليق بهم صفات الإنس التي تجردوا منها ، ربما لأنهم استكانوا للسكون القاتل في البشر فصارت أرواحهم إسمنتية ، أرواحاً لا أجنحة لها. الإسمنتيون يتكاثرون من حولنا ، تمشي بهم أجسادهم تحركهم كما الرجل الآلي ، لا روح فيه لا مضخة دم تنبض في جنبه الأيسر ولا حياة. أيها الإسمنتيون تمردوا على أقنعتكم تحرروا منها لتعود إلى أرواحكم الحياة.
لمي معروف