نفــــــــق عـــــامر بالحـــبّ والجـــمال فـي مواجهــــــــــة أنفــــاق الكراهـــية والـــــــــــــــــــدم

العـــــدد 9335

الثلاثـــــاء 16 نيســـــان 2019

 

في نفق (جمعية تساما) تمازجت ألوان الفن بألوان الربيع لتحول الظلمات إلى بهجة وضياء ضمن سلسلة نشاطات الملتقى الثقافي في الجمعية التي أقامت مؤخراً معرضاً جماعياً للفنانين: عدنان فاضل و رادا حمدوش ومحمد جميل هدلة ليقدموا لنا نصوصاً بصرية متقنة ومتكاملة كان الجزء الأكبر منها يحاكي تراث اللاذقية وحاراتها القديمة وريفها العاشق.
وبروح شفيفة مفعمة بالمحبة قدم الفنان عدنان فاضل مجموعة من أعماله مثلت مشاهد ريفية من قرانا الجبلية، مما أضاء على جوانب من شاطئ اللاذقية القديم في محاولة استحضار المعالم الجميلة للمدينة كمطعم العصافيري الذي يعيش في ذاكرتنا جميعاً، وعرض الفنان لوحة مميزة لراقصة تنشر عبير أنوثتها كزهرة ربيع فواحة، ومجموعة من القوارب انعكست صورتها على صفحة البحر الأزرق متداخلة بألوان أشعة الشمس عند المغيب، وختم عرضه بطبيعة صامتة تكاد تنطق بتناسق وانسجام ألوانها.

وكذلك نجد الفنانة رادا حمدوش تنطق لوحاتها باستخدامها تقنيات ومفردات مختلفة، فالحجر في لوحاتها خشن الملمس كأية صخرة حقيقية، نافر عن سطح اللوحة بعدما استخدمت السكين في إنجازه، كذلك بإمكانك أن تشعر بحركة الموج وتتوقع تحطمه على تلك الصخور.
ولعل أبرز ما ميز أعمال الفنانة تلك النظرة الحديثة لتاريخ اللاذقية، فبينما قدمت لنا لوحات تراثية لبيت قديم أو كرسي أو إبريق يغلي على الحطب جعلتنا نشعر أن هذا التاريخ حيّ ونابض، فوجوه الناس ترحل وتغيب لكن المدينة باقية ومتجددة لديها.
أما الفنان محمد جميل هدلة فلقد كان له قصة مختلفة، إنه الجندي العائد من حصار طويل في أنفاق حرستا، عاش موت كثيرين وآلامهم، كره الأماكن المظلمة والضيقة لذا شعر بغرابة عندما تلقى الدعوة لإقامة معرضه في نفق، ثم جاءت مشاركته ليرى نفقاً من نور يدعو للخير والحب ويساعد من تضرر من أذى الحرب وينشر رسالة الفن والإبداع ،فكانت هذه الهدية كتعويض عن معاناته السابقة.

كان بطل قسم كبير من لوحاته فهو طفل عالق في لوحة تصور شارعاً مغلقا ًمن شوارع اللاذقية في بيئة قاسية ومغلقة رفضت فنه في البداية ووجهته إلى دراسة الرياضيات ليعمل في مجال لا يشبهه، لكنها إرادة الحياة أبت إلا أن يولد ذلك الفنان من رحم الوجع ليخرج إلى فسحة البحر والبراءة والجمال، إنه قدره الذي آمن به وابتسم له كما في لوحته التي تمطر سماؤها على عاشقين وكما في صورة الطفلين التي تدعوك لتكون زهرة في ظهر صديقك وليس في وجهه فقط .
إنها لغة الحياة، لغة الفن التي جمعتنا في كهف الإبداع والجمال كما وصفه الأستاذ حسن الخطيب مدير الملتقى الثقافي والمعرفي في الجمعية والذي أراد أن يوجه دعوة للمبدعين في كل مجال للمشاركة وعرض نتاجاتهم في النشاطات والفعاليات الأسبوعية للملتقى فالجمعية كما يقول تسعى لنشر الثقافة والفكر والفن جنباً إلى جنب مع الأمور الخدمية والإغاثية لأننا بحاجة المحبة والفن والإبداع في مرحلة التعافي وإعادة الإعمار.

نور نديم عمران

تصفح المزيد..
آخر الأخبار