الوحدة: 22- 11- 2022
بكل “بهائها المزيف تبرز لديك، تبرق أمام عينيك كسرابٍ أو كوهم في الصحراء الشاسعة، تضيّعك، تقطّعك مثل ثمرة يانعةٍ، مرّ عليها الصّيف وكذلك خريف أيلول القابع خلف المسافات المنهكة بسراب السفر بالرغم من مراكب الأحلام، وأشرعة الأمنيات المؤجلة على الحدود المرسومة بالأسلاك الشائكة، المفخّخة بكلّ فنون الدّيناميت، الموسومة بالإشارات والأعلام عديدة الألوان، والأشكال والأنواع.
كل الحدود أضحت فخاخاً، كفخاخ الزرزور والسمّن وصغار الطّير .
كل الحدود أضحت ” محجّة” مزورةً أو قبلة سفرٍ…
أغلقت النّوارس عيونها، أسدلت الغشاوة على أهدابها.
ورحلت كما الرّيح، كما الفرح – لكن مع وقف التنفيذ، وإلى أجل غير مسمى –
كان وهماً كلّ” الفرح ” وهل تصنع الخيمة الممزقة على طرف الحدود الغريبة سعادةً؟.
من قال:
إنّ تلك “الخيمة البيضاء والزرقاء” تصنع وطناً؟.
إنّ تلك الأمصار البعيدة بديل تراب الوطن الأسمر؟.
تلك الناطحات للآمال الصغيرة، وقد ترعرعت في الصّدر تفضل في الوطن عرزالاً ، بيتاً طينياً ، أو كوخاً؟!. ..
….
جميع من مرّوا على دروب الغربة الضائعة تاهوا، في دهاليز ومتاهات الضّياع، وأبراج الخيال والأماني الخلّبيّة.
كلّ الذين راحوا خلّفوا وراءهم عيوناً ممطرة، دموعاً من دمٍ ، ومناديل أنهكتها أيدي الأمهات المعروقة المرتجفة، كم أمّ ثكلتها هذي الحرب الظالمة؟.
كم أمّ غيّبها الموت وما عزّى فيها الولد..؟
وغداً حين يعودون أتراهم يدرون أين دفنت أمهاتهم ، أو في أي لحد سكن الآباء؟.
حين يعودون..
هل سيعودون؟ “طائر الحوم” يهاجر لكنه يرجع عندما يفتقد للدّفء!!!
لا أحد يستطيع أن يستطعم كسرة خبز الغربة المرة..
أو يستسيغ كأسها الطافحة المالحة..!
من يتقبّل زمهريرها،وليلها القارس الطويل؟!
موجعةً أنت أيتها الغربة..
كم قاسيةٌ أنت…
تقطّعين البشر أشلاءً أشلاء وترمينها على الدروب شلواً شلواً…
تتركينها تسفّ غبار المسافات الضّالة الطّويلة والأماكن الموحشة …
مرةُ أنت أيا كسرة خبز الغربة ..
فهل كتب على” عصافير الدّوري” أن تتخم بحنطة كالعلقم في ديار هي فيها غريبة الجناح والتّغريد؟!!
خالد عارف حاج عثمان