“رجعت الشتوية”

الوحدة : 20-11-2022

من أول هطول للمطر، تبدأ ربات البيوت بالاستعداد لاستقبال الشتاء بنبش الخزانات والستائر والسجاد, وتهرع لطلب إجازة من وظيفتها، فالعمل في البيت يتطلب الاستعجال، ولكنه عند الأولاد هو كرنفال حيث ينتظرون ذلك بفارغ الصبر، فقد باتت ملابسهم صغيرة بعد عام فات، ويستبشرون ببعض المشتريات والألبسة الجديدة كما في الأعياد.

جاد  –  صف خامس : يحاول ارتداء سترته المطرية فلا يستطيع والابتسامة الصفراء تكسو وجهه والفرح يغزو جسده بدل القميص ليقشعر البدن وتتراقص الأطراف طرباً, وينادي أمه : إنها صغيرة فماذا أرتدي اليوم والمطر ينهمر بغزارة؟

فترد عليه : البس سترة أخيك جواد اليوم فقط أرجوك ؟ فينادي : لا.. سيضحك علي رفاقي؟ ما رأيك أن ننزل إلى السوق وتشتري لي غيرها ؟ فترد بعصبية وصوت عال : ليس في هذا الشهر الثقيل المعبد بالديون, والدائنون يطرقون علينا الأبواب ؟

صغيري .. هون عليّ الأمر وحاول ارتداء سترة أخيك فلن يعرف بالأمر أحداً, ومن سيتذكر أنها لأخيك؟.

أم هلا تقول : طلبت إجازة لأفرش البيت بالسجاد، فطفلتي صغيرة وعمرها سنتان ، ولا أريدها أن تمرض, كما أن الأرض باتت باردة بعد هذه الأمطار وحان وقت الشتاء, وأن أقلب الخزانات لتوضيبها وإخراج اللباس الصيفي منها ورفعه لسقفها، فيكون من الأسهل التفتيش عن لباس يومي للوظيفة, إنه يوم شاق ويحتاج لرفع أثقال من الحقائب والسجاد. يساعدني في ذلك زوجي رغم أنه لا يحب أعمال البيت, ويكفي أنه يحمل صغيرتي ويلاعبها بعيداً عني لأنجز هذه المشاق.

الشاب علي  – كلية الهندسة المدنية قال : في هذه الأيام أرى أمي منهمكة بتوضيب الخزانات، ونكش الملابس الشتوية, وقد كانت كرنفالاً لي ولأختي هذه المناسبات, حيث كنا ننقب عما يناسبنا من ملابس نلبسها، نضحك ونلهو ونرمي بها جانباً لنعلن شراء الثياب الجديدة بكل أمان, أما اليوم فقد باتت عبئاً على الأهل، و لذلك لست محتاجاً للكثير، وأرضى بلباس واحد طوال السنة , حتى أن خزانتي ليس فيها غير القليل. وتحتضن الصيفي والشتوي معاً ولكن كل منها بجانب، بعكس أختي التي تزاود عليّ بالكثير وخزانتها تفيض كما أمطار اليوم.

الشابة يارا – كلية طب الأسنان : تضحك ولا تخفي ابتسامتها واهتمامها بملابسها وتقول : أحب أن ألبس كل جديد وعلى الموضة كما كل رفيقاتي ولا عيب في الأمر ولكني لا أثقل على أهلي, حيث والدي يحبني كثيراً وليس عنده غيري, يعطيني المال من اليمين لأشتري ما يلزمني وما أحب دون علم والدتي, وذات الأمر بالنسبة لوالدتي تناولني أيضاً المال باليسار لأكون بمستوى الرفيقات, ولهذا أحافظ على مالي ولا أصرف لغير الحاجة و لوازمي في الكلية والنوتات, وما أوفره يكون للّباس والسوق الذي يتوفر فيه الكثير من الجمال, لهذا خزانتي تفيض بها وأحتاج للوقت لتوضيبها في الصيف والشتاء وتجدين اليوم الشباب محتارين بالطقس. فهناك من يغطس بشبر ماء ليلبس الجاكيت والحذاء الطويل, وبعضهم بالقمصان، أنا أستعد لتبديل ما في خزانتي من صيفي لشتوي والكثير منها على السرير, ينتظر مني التوضيب, وسيكون ذلك في العطلة من الجمعة والسبت ولا أحب أن تقوم بذلك أمي فأنا أحب أن أبدلها بنفسي.

هدى سلوم

تصفح المزيد..
آخر الأخبار