الأحلام المطعونة

الوحدة: 16-11-2022

الأحلام ظاهرة بشرية للنفس التواقة للتقدم وهي تسبق الحياة دوماً, هي الحياة المشتهاة التي نسعى في اليقظة للوصول إليها، وكما يقول فرويد:
(الحلم البديل عن المضمون العاطفي والعقلي لتداعيات الأفكار)، والمكسب والخسارة واردان في كل شيء, الأحلام كثيرة والأمنيات كبيرة، وفيهما يسكن التردد في الحصول على كل شيء دون خسارة القليل منها, إنها الحياة لا نحصل فيها على كل ما نريد بل نخسر أشياء غالية أحياناً في حياة تذوي على مهل في مطحنة التعب والشقاء.
أزمة حقيقية موجودة بيننا وبين الأحلام, بين ما يتوافق مع إرادتنا وما نستطيع فعله تكمن الأحلام, تنوس بين الصمت الممل والصخب المزعج, صراع بين النجاح ونقيضه الفشل ولابد من المرور في الظلام للوصول إلى النور وتتحقق الأماني وتستعيد النفس بريقها وثقتها بإمكانية التحقيق.
الأحلام والمنامات لا ضوابط منطقية لها تتسلل وجعاً إلى خلد الإنسان تتغلغل في نبضه وتأسره, وخاصة عندما نحب شيئاً ما إلى حد الهوس, أحلام ناعمة تلمع في الرأس مثل الشرارة في الظلام تتحول إلى ورطة وبريق زائف والحلم الناعم النائم يتحول إلى كابوس من الكوابيس التي نعيشها في اليقظة والكرى, وكما يقول ميلان كونديرا: ( كل حلم جمالي هو رهان شخصي).
ليت أحلامنا لا تتعجل بالرحيل، فمن دونها لا يبقى لنا مأوى, يجب علينا ألا نتجاهل الإشارات الخاطفة التي تتعلق بالرجاء والأمل وجذوة الحياة وبعض الأحلام التي تداعب المخيلة تتحول إلى حقيقة واقعة نراها بأم العين, وبعض الأحلام تتساقط من غصن العمر حتى ينكسر, هناك جماعات بشرية مطعونة في أحلامها, شخصيات تفتش عن ذاتها في قلب العتمة في صراع بين الحلم ويباب الواقع بين النجاح ونقيضه الفشل بين الإقدام والتراجع, بين رهافة الإحساس وصلابة السلوك والموقف في أبهر تجلياته بانتظار أن يبزغ ضوء في آخر النفق الطويل.
علينا عدم التماهي مع الأحلام التي نحب إلى حد الهوس وعدم التورط والإيغال بالمزيد من الشغف بالأحلام كثيراً كي لا تتغلب علينا سوءاً و خيبة أمل, تمضي حياتنا ونحن نحاول مناطحة أحلامنا البعيدة عنا والعصية علينا, أحلام لا تكفّ عن الطنين في صخب لا يهدأ بأمواج تمرق في الخاطر كمواكب يوم الحشر تصافح الليل حتى بزوغ الفجر كي لا تنزلق نحو واد لا قرارة فيه.
الحلم هو المستقبل، هو السر المخفي التواق إلى التحقيق، حالته لا مرئية تداهمنا بفتنة توقظنا من سباتنا.
لابد من الابتعاد عن الأنانية وعدم الانقياد وراء شغفنا وأحلامنا المستحيلة وتسخير العمر لملامستها، والقبض عليها حتى نصبح غير قادرين على رؤية شيء سواها لنكون في وئام مع الحياة ولتغدو الحياة أجمل وأقل ألماً.
نعمان إبراهيم حميشة
تصفح المزيد..
آخر الأخبار