السعادة و الألم …

الوحدة : 6-11-2022

مع كل خطوة متقدمة يخطوها البحث العلمي إلى الأمام في مضمار استكشاف الذات الإنسانية، وحقيقة جوهرها يكتشف المرء مدى الحكمة، وكذلك الإحكام في بناء بنيانه البدني و أسرار ملامحه، وجملة تفاصيل شخصيته، الأمر الذي يدفعه جاهداً إلى التعرف على كينونته التي تلعب دوراً بارزاً و حيوياً و عميقاً في كل ما يمر به الإنسان تقريباً اعتباراً من لحظة الولادة و حتى النفس الأخير في مسيرة حياته، و يُلاحظ بأن لكل شيء تقريباً صلة وثيقة إما بالألم و التألم أو النشوة و السعادة، و مثال ذلك تبياناً : الضحك – البكاء – الإجهاد – الاكتئاب – المناعة – الرياضة – سماع الموسيقى – الصدمات – مشاكل الحياة – هواجس المستقبل، ﻭغيرها.

معظم الناس قرأوا بأن مزاولة الرياضة البدنية بكل أشكالها تُعطي شعوراً بالراحة و إحساساً بالهدوء و الاسترخاء، و خصوصاً بعد بذل المجهود العضلي البدني.

وأكدت معظم البحوث بأن معظم الرياضيين قد يكونون معتدلي المزاج و منتشين دائماً عند التدريب، كون التزام الرياضة البدنية بجرعات معتدلة

و منتظمة كفيلة بجعلهم سعداء، و هذا ما يؤكد الحكمة الشهيرة القائلة إن العقل السليم في الجسم السليم، وكذلك يعزز سر معادلة العلاقة القوية بين المزاج المُبتهج و صور النشاط البدني، كما أنهم يعزون صحتهم النفسية الجيدة إلى جملة عوامل جوهرية لعل من أهمها : الإحساس بالتميز – الأمان – نشاط الحواس – النظام، وتجدر الإشارة أيضاً إلى نقطة هامة و محورية جداً تقول إن الإنسان يأكل ليعيش، و لكنه من المعروف أيضاً بأنه يأكل ليستمتع، وليس هناك دليل أكبر من اختلاف أنواع الأطعمة و أشكالها و تفنن أغلب الناس في التذوق و الانتشاء و التلذذ و الشبع المُصاحب لالتهام أنواع مختلفة، وأصناف عديدة من كل ما لذ و طاب وصولاً لإعطاء بهجة جيدة و جرعة نشاط بإحساس، ولحظات مُمتعة حياتياً.

تتمتع سائر الكائنات الحية في الطبيعة بشهيتين كبيرتين، الأولى للطعام و الشراب لمنع الانهيار الجسدي بغية استمرار الحياة، و الثانية للتكاثر ضماناً البقاء، و منع شبح الانقراض، و تتدخل كيمياء الإنسان في شتى محطات و تفاصيل الحياة الطبيعية و هذا كفيل بضخ شحنات هرمونات السعادة و الألم إلى سائر أنحاء الجسم، وصولاً إلى تحقيق لحظة تخيل حياتية جميلة تحتوي بين طياتها جملة مشاعر و كتلة أحاسيس لا وصف لها، ﻭعلى الضفة الأخرى فقد بحث الخبراء في صميم وظائف المخ وأشكال تغيرها من حالات الغضب و الحزن إلى أوضاع السعادة و السرور، و علاقة كل ذلك بالوجدان، حيث وجدوا أن هنالك ثمة استفسارات معقدة جداً لا يُعرف عنها إلا النزر اليسير، ﻭ منها كيمياء الدموع التي تبثها مآقي الإنسان في كل من حالات الفرح و الحزن و بالتالي فليس هناك أي دليل قاطع يُتيح دراسة تغيرات الحالة بين دموع الفرح، و حرقة البكاء من الناحية الحياتية و النفسية.

د. بشار عيسى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار