الوحدة: 1- 11- 2022
إلى متى سيبقى مزارعونا يقبعون تحت مزاجية وأهواء ذوي النفوذ من خلف مكاتبهم يسعّرون المواد ويوفّرونها ويضعون لها الشروط والمقاييس كالجودة وحجم الحبّة وطرُق الجني وعبوات الشحن، وكل ذلك سبيل منطقي (برأيهم) لتسويق الإنتاج وإرضاء الجميع على حساب الفلاح، وها هم مزارعو البطاطا الحلوة يقارعون الطبيعة لإنضاج الفاكهة الشتوية المُدلّلة المختبئة بين التراب، هي المُعيل الأخير لهم، ينبشون الأرض باحثين عن أرزاقهم، على مردود إنتاجها يعيشون ثُباتهم الشتوي الطويل، مردود (كان) يَقيهم شرّ العوز والحاجة والجوع، تجاعيد أيديهم لم تشفع لهم، وقعوا كغيرهم تحت نير أصحاب سوق الهال الكبير، هم يشبهون كثيراً إخوتهم بالحمضيات والتفاح بكل شيء، ومن بساتين وحقول السرسكية تبدأ معاناة البعض، حجوم تلك الحبّات وأنواعها تحت ميزان الظلم والّلامبالاة، فالحبّة الأميركية يأخذها التجّار ب ١٠٠٠ ل.س والماليزية ب ٨٠٠ ل.س وأحياناً ٧٠٠ ل.س، وأجور النقل للوصول إلى سوق الهال من السرسكية ب ٦٠ ألف ل.س، ونقل الطن الواحد إلى طرطوس ١٠٠ ألف ل.س، بغضّ النظر عن كمية التحميل، أضف إلى ذلك أجور عمّال الحفر ٣٠ ألف ل.س للشخص، فتصل هذه الفاكهة إلى أسواق المستهلكين يائسة متعبة عبر تنقّلها من تاجر لآخر وتستقر عند سعر متقلّب يناسب أناقتها وجودتها، مع العلم أنّ أسعار تلك الحبّات تتهاوى يوماً بعد آخر بسبب وصول الإنتاج وعمليات الجني إلى ذروته مما ينعكس على الأسعار وأساليب تصريفها وكذلك ضعف التسويق، ومن خلال ذلك يسيطر الزهد والخيبة على تلك العوائل المُتعبة، فهذه الظروف وأرقامها الظالمة تقاسمهم أرزاقهم، عبر شقاء لأشهر عدّة يتوزّع على مراحل من تهيئة أرض وتخطيط وشراء العُقل وتعشيبها وسقايتها بظروف غير جيدة، وهنا يكمن الوجع المشترك لمزارعي هذا الساحل الذين كُتب عليهم الشقاء، وعلى حدّ قولهم يعملون ويكدّون لإسعاد وإرضاء غيرهم من (الرابحين).
سليمان حسين