العدد: 9333
الأحد-14-4-2019
لكي تكون متميّزاً عليك أن تعكس الأمور، هكذا هي الاتجاهات التي يسير عليها البعض، فممارسة ذلك يترك رصيداً من الكراهية المبطّنة بالطاعة والقبول.
أن تأكل ما تستطيع من وجبات الموائد، وتحجز الباقي لتتعفّن، فهذا يُكسبك احتراماً يوازي حصولك على منزلٍ بحريٍّ يرقص على أطرافه (يخت)، نوافذه كعيون حسناءٍ، ومع أنك فقيرٌ لا تملك ثمن كلماتك حتّى، فيكفيك أن تُرسل الحسد من نظرةٍ واحدة!
أحد المتعاكسين كان يسلب منازل وجيوب وأحلام الآخرين ليكسر خطواتهم، ويجعل أعينهم مفتوحةً على النّوم، بل كان يطمح إلى أن يراهم يكابدون الازدحام في المقابر بحثاً عن مثوىً لا يليق إلّا بالموتى؟!
إذا كان الضّوء لا يستريح إلّا بالظلام، فالأولى أن تطلب الراحة في الضّوء، بل أن تكون كالهواء الذي يملأ الظلام والضوء بترانيم نسائمه مرّةً، ومرّة برياح اللقاء تلو اللقاء، وهنا أدركتُ البكاء الفرح عبر غيمةٍ انحدرت من كتفها ساقيةٌ، فكانت سبباً بمجيء السهول للجبال، وإلّا فما معنى أن يتبدّل القمر من طورٍ إلى طورٍ؟ وما معنى أن يتسوّل الأغنياء أمنيات الفقراء؟
جارٌ لم يشعر به الجيران إلّا عند موته، فأمنياتهم كانت مستوردةٌ، على عكسه تماماً، فهو مواظبٌ على احترامه الشديد لهم، فلا يزعجهم بالتحيّة والسلام.
تبقى فئةٌ أخيرةٌ تقوم باستقدام الماضي للحاضر، وبكلاهما تسير هذه الفئة إلى بديلٍ عن المستقبل، فتختلط الأشياء بأشيائها كسحابةٍ لا هي تسقط المطر، ولا هي تفتح نافذةً للشمس؟!!
هذه الفئة لا تحزن إلا بأفراح الآخرين، ولا تفرح إلا لأحزانهم!
ما أحلى البسطاء وهم يجوبون العالم بوسائط تفاؤلهم، لكلٍّ منهم أمنيةٌ تزهر بحجم حديقةٍ في حضن نهرٍ، أما حبهم لأصغر الأشياء فأشبه بدعوة عرسٍ، الحضور فيها عشاق الأمس وقصصهم المكتوبة على جدران التاريخ، فهؤلاء البسطاء لديهم ألف (ليلى) كل يوم، والف نسخة عن (عبلة)، وألف ألف (بلقيس) تحكم كل واحدةٍ مملكةً من العشاق تراهم في الحافلة والسيارة وسيراً على الأقدام، يبتسمون للألم كي يخفّف هذا الألم من معاناتهم.
سمير عوض