الوحدة 27-10-2022
أقيم حفل تكريم للمبدع الراحل هاني الراهب في دار الأسد، وقد احتفى به الأهل والأصدقاء من رجالات فكر وأدب وأكاديميين وقرّاء.وقد اكتظت بهم القاعة، والجميع أراد المشاركة والكلام لما يلم به من اشتياق وإعجاب، وكانت البداية لمقدمة الاحتفال الأديبة أمل حورية التي مهدت الحديث ليكون الدكتور محمد بصل رئيس اتحاد الكتاب باللاذقية أول المتحدثين فقال : نحتفي اليوم بقامة أكاديمية وأدبية وثقافية كبيرة إنه هاني الراهب الأستاذ الجامعي والروائي والمترجم كتب في الستينيات رواية “المهزومون” وعرف بها ولم يعرف بوصفه مترجماً في البداية وكتب عدداً كبيراً من الروايات المهمة والتي تركت حضوراً وأثراً مهماً في مجال توثيق وتأريخ وسطوع ذاكرة بلدنا سورية والمنطقة الجغرافية التي ينتمي منها وهي (الوباء) في الثمانينيات، في رواياته تراه كأنه من واضعي اللغة أنفسهم لا يرتوي من الدلالات الظاهرة بل من المضمرات، لغة تستحق منا التوقف والتأويل وهو ما سنسمعه في ندوة اليوم من السادة الأكاديميين والأدباء والمسرحيين. الدكتور أحمد العيسى عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة تشرين أشار إلى أنه التقى بالأديب الكبير هاني الراهب مرتين فقال : في اللقاء الأول وبشكل شخصي لفت انتباهي أنه ينوء بثقل رأسه وأتعابه وكان قليل الكلام لكنه في كتاباته يعوض عن ذلك، والثانية في الجريدة بمقال ( مسافة للنظر وأخرى للنظرية ) كل الأفكار عاجزة عن تفسير هذا الواقع, ويقول هاني الراهب : إذا أردت أن اكتب رواية واقعية أحتاج آلاف الورق، وأشار الدكتور العيسى إلى مجموعة من التقنيات التي تحتفي بها روايات هاني الراهب منها التناص , وطرح بحديثه الرواية الجذمورية التي ترفض التجذر ليقول:إن هاني أراد أن يقدم شيئاً جديداً أسميه الكرنفالية فالمسافات ملغاة بين شخوصه والغاية من الكرنفالية نسف الواقع لأجل واقع جديد, والكرنفالية موجودة عنده في كل مكان البيت والمدرسة والفرن وغيرها. الأستاذ حسام الدين خضور، كان في مقدمة الاحتفال أن قدم كلمة اتحاد الكتاب العرب ثم قدم ورقته بعنوان ( ترجمة الآخر ) قال فيها : حقاً ولد هاني الراهب كبيراً وما بدأ به رواية ( المهزومون ) خير برهان على ذلك, فقد وضعت علامة فارقة على مسار الرواية السورية في الشكل والموضوع والرسالة, وأشار إلى مسألة غاية في الألم بقوله : هي بؤس المحتوى الرقمي العربي, لأن أحد أسباب عدم بروز دراسات جادة هو غياب المراجع بالسهولة التي يتوخاها الباحث, ربما كانت هذه المسألة من اختصاص وزارة الثقافة, ونأمل أن ينتهي العمل في رقمنة مكتبة الأسد الوطنية في القريب العاجل إنه عمل نوعي في خدمة القارئ والباحث. د.صلاح صالح قدم ورقة بعنوان (صور بورتريهات خضراء ) من جملة ما قال : هاني الراهب الأستاذ في قسم اللغة الإنكليزية بجامعة دمشق فقد كان سباقاً إلى ترجمة أهم أعمال الأمريكي هنري جيمس (صورة سيدة )، وقد نشرت له ترجمة رواية ( ديزي ميللر ) والغالب على تأليف الروائي يقع تحت عنوان ( رواية الشخصية )، بما يعني عنايته الفائقة برسم شخصياته بطريقة بانورامية شاملة ومتقنة من مختلف جوانبها الخارجية التي تتضمن الظروف والبيئة وملامح الوجه والبدن والملابس والداخلية التي تتضمن بقية الأبعاد النفسية والذهنية والتطلعات والبنية الانفعالية والرؤى المتحصلة وجميع ما ينتمي إلى خانة غير المرئي وغير المحسوس في الشخصية الإنسانية. هاني الراهب أولى لغة رواياته عناية فائقة لم أجد ما يوازيها إلا لدى كل من إدوارد الخراط وحيدر حيدر . د.ممدوح أبو الوي – تحدث عن (هاني الراهب مترجماً ) فقال: ينتمي هاني الرهب إلى جيل الستينيات وهو العقد الذي ما زلنا نعيش آثار أحداثه، حصل هاني على الشهادة الثانوية وكان ترتيبه الثاني على طلاب الجمهورية العربية السورية ويذكر هاني في حوار مع مجلة المعلم العربي عام 1966 توفي والدي وأنا في الحادية عشرة وأمي وأنا في السادسة عشرة )، وحصل على إجازة في من جامعة دمشق أدب انكليزي والماجستير من الجامعة الأمريكية ببيروت والدكتوراه من لندن، عمل مدرساً في جامعة دمشق وفي الكويت وقبلها في معرة النعمان وكتب ثماني روايات وثلاث مجموعات قصصية كما ترجم عدداً من الروايات عن اللغة الانكليزية , كتب روايته الأولى (المهزومون ) عام 1960 وحصلت على المرتبة الأولى في المسابقة التي نظمتها دار الآداب اللبنانية في 1961 وتتحدث الرواية عن الشباب الذين يؤمنون بالفكر الوجودي. د.محمد حرفوش في ورقته (هاني الراهب وحوار الثقافات) قال : في مسيرته الإبداعية الغنية خصص هاني الراهب جزءاً من جهوده لإنجاز أعمال لا تقل أهمية عن رواياته على صعيد الحوار الثقافي مع الآخر وعلى الرغم من أن أعمال الراهب نالت نصيباً وافراً من الرصد والمتابعة الإعلامية والأكاديمية، فقد بقيت أعماله التثاقفية بعيدة عن الاهتمام والتغطية الكافيين ولم تحظ بالانتشار الذي حظيت به أعماله الروائية لقد قدم مساهمات على قدر كبير من الأهمية على صعيد الدراسات والترجمة. بعدها سرد وسلط الضوء على أعمال الراهب في مجال الترجمة والدراسات من خلال رصد وقراءة الأعمال التالية ( الشخصية الصهيوينة في الرواية الانكليزية) وترجمة كتاب (ييتس) للناقد العالمي هارولد بلوم بالإضافة إلى ترجمة رصد الناقد أندرو ليتل للرواية الانكليزية (مدخل إلى الرواية الانكليزية). في مسيرة إبداعية دامت أربعة قرون. في الختام تحدثت السيدة ميسون الخير زوجة الأديب هاني الراهب عنه حيث كان الزوج والأب الحنون لأولاده وحبه للغة العربية إذ كان يصحح وينقب رسائل أولاده البعيدين ليعيدها إليهم بكل جمالياتها. كما تحدث الأصدقاء وطلاب هاني من الكتاب و الأدباء عنه، فهو الصديق الصدوق والأستاذ الجامعي الوفي, ليتم تكريم الأديب هاني الراهب من اتحاد الكتاب العرب وأيضاً تم تكريم الأديب علي أشقر في مجال الترجمة.
هدى سلوم