الوحدة 27-10-2022
توصي غالبية الدراسات التربوية عند اختيارها للأسلوب الأمثل في عمليتي التربية والتعليم بأن الجهد هو السبيل الأفضل لتحقيق أي شيء نريده، فالطالب يؤمن أن الجد والتعب في الدراسة هو الذي سيجعله يحصل على الدرجات العليا.. لكن هل هذا الأمر صحيح فعلاً؟ هل الجهد والتعب في سبيل شيء ما هو الطريق الأفضل لأجل تحقيقه؟ وإذا كان صحيحاً فما التفسير عند أولئك الذين ينجحون بدون جهد أو تعب! لا أحد ينفي دور الجهد في سبيل تحقيق الأهداف المرسومة على المستوى الشخصي، لكن تقزيم دور (الذكاء) في هذا الموضوع يعد كارثة حقيقية، إذ يُمكن اختصار الكثير من الوقت والعمل لأجل تحقيق أهداف وغايات كثيرة إن تم تفعيل (ميّزة الذكاء) وتحديداً العمل بذكاء. ففي عصر التكنولوجيا والمعلوماتية، فإن زمن العمل بجهد مُفرط قد ولّى ربما إلى غير رجعة، وحان الآن وقت العمل بذكاء وبكل الطاقات الفكريّة لأجل تحقيق الأهداف وبأقل تكلفة من التعب.. اما في عملية التعلم والتعليم، فهذا التساؤل يأخذ حيزاً أكبر نظراً لأهمية اعتماد الأسلوب الأفضل – وهو استخدام الذكاء – في هذه العملية وكيفية تطبيقه بالشكل الأمثل ليعطي ثماره الإيجابية ويقود بنجاح طريقة العمل التي تختصر الوقت والجهد، وكل ذلك بالاعتماد على الذكاء وسرعة التكيف مع الظروف والإمكانيات المتاحة.. إذاً كيف نتعلم بذكاء وليس بجهد؟ فأحياناً نحاول الدراسة والتعلم لساعات طويلة دون الحصول على نتائج جيدة رغم أننا نبذل مجهوداً كبير اً في ذلك دون أن نحقق الغايات المرجوة التي ترضينا. ورغم أنها مشكلة يعاني منها معظمنا أثناء عملية التعلم إلا أنه يمكننا تحقيق الأفضل و اجتياز الاختبارات بنجاح، وهذا يتطلب فقط ثلاثة أشياء كما يقول ” كيفن بول” صاحب الكتاب المميز ” ادرس بذكاء وليس بجهد”، وهي أن تكون رغبتك أنت في أن تصبح متعلماً أفضل، وأن تؤمن بنفسك وقدراتك، وأن تكتشف صندوق أدوات سحري غير محدود. إن العقل يشبه المظلة، فهو لا يعمل إلا إذا كان مفتوحاً، ومن هنا، فإن الإعداد يعد أهم جزء من عملية التعلم، ويشمل تجهيز مكان الدراسة، مثل القيام بإيجاد مكان للمذاكرة، وجعله مكاناً مريحاً، وفحص الإضاءة، والاحتفاظ بكل شيء في متناول يديك، وإرسال العديد من الرسائل الإيجابية حول المكان. ويشمل أيضاً إعداد عقولنا لتقبل المعلومات ، ومنها تحديد أهدافنا من الدراسة . وليس صائباً أن تضع من أهدافك أن تنجح في الاختبار أو أن تحصل على درجة عالية، فالنفس لا تتعامل مع الأرقام وإنما مع القيم، لذا من الأفضل أن نبحث عن المعلومات بنية الشغف والفضول، فبهذه النية سيتضاعف نشاطنا وتحصيلنا. لكن في الواقع ، هناك الكثير ممن يعارضون هذه الفكرة.. فالشيء الحقيقي الذي يجلب النجاح – بحسب رأيهم – هو الجهد ، فإذا أردنا فعلاً ان ننجح لا بد أن نتعب ، لنصل إلى ما نريد، فساعات مضاعفة من العمل تعني نجاحاً أكبر حتى في موضوع الدراسة ، فهناك طلاب مستواهم أدنى من أقرانهم ، لكنهم يتعبون على أنفسهم ويكررون المادة 3 أو 4 مرات ، لكي يصلوا لما يريدون ، في المقابل يحصلون على ما يريدون لماذا؟ لأن جهدهم هو الذي جعلهم يحققون ما يصبون إليه. وعلى نفس النمط من التفكير، يظن البعض أن الجهد هو السر الحقيقي وراء النجاح ، وليس الذكاء.. فكثيرون يمتلكون الذكاء لكنهم لا يعرفون كيف لهم أن يستخدموه، أو كيف يظهروه لغيرهم. وفي سياق مخالف من الآراء التي تتبنى الاعتماد على الذكاء في العملية التعليمية، يرى هؤلاء أن النجاح وتحقيق النتائج الجيدة يرجع إلى الفروق الفردية وليس جودة الدراسة. فالعديد من الطلاب يتمتّعون بميزات عقلية تجعل رسوخ المعلومة في أدمغتهم أكثر سهولة وسرعة من الآخرين. وبحسب الفروق الفردية يُمكن الحكم إن كانت الدراسة بذكاء أفضل أم بجهد. وإن رغبنا أن نقارن بين النوعيْن، يتوجّب أن تكون المقارنة بين أفراد مجموعة يتمتّعون بنفس الفروق الفردية حتى نكون عادلين في المقارنة.
فدوى مقوص