الحقيقة … النعمة والهدية

العدد: 9333

الأحد-14-4-2019

 

إنّه لمن أكبر النعم عليك أن جعلك مخزناً لنعمه التي لا تُعدّ ولا تُحصى .. كما أنه جعلك كائناً يُباهي بك كائناته…
وهنا يأتي دورك أيها الإنسان العاقل الذي أدرك بجوهر عقله أنْ لا بدَّ له أن يسعى إلى ترجمة هذه النعم التي لا تُعدّ ولا تُحصى, بل تلك النعم التي يشاركه فيها جميع خلق الله من كائنات عاقلة, ولعلّ السؤال الذي يطرحُ نفسه: ما مدى قدرة الإنسان العاقل على استخدام ملكاته كلّها؟ تلك الملكات التي تمنحه النعمة الكبرى أن جعله الله إنساناً وكان أنساً لنفسه ولغيره بما امتلك وما احتوى واشتمل وبما أودعه الله به.
إنّها الحقيقة التي لا تقبل شكّاً أنّ الله خلق الإنسان في أحسن تقويم وجعله على أحسن هيئة وتصوير, ولم يجعل منه غير ذلك فلا خَلق أجمل من حيث الصورة, ولا خَلق أكمل من حيث القيمة, كما لا خَلق أمثل من حيث القرب إلى خالقه, فكيف به هذا الإنسان لا يعترف بكل هذه الحقيقة التي لا تقبل أن تكون منقوصة أو مجزوءة؟
وأمّا نعمته التي أنعمها علينا فلا يمكننا أن نتحدث أو نتكلّم لأن كل الكلام لن يحيط إلا ببعض النعم التي أنعمها علينا حتى جعلتنا على هذه الهيئة التي لا تقبل الجدل في حُسنها وبهائها.
وأمّا الهدية التي أُهديناها فلعلّنا نُدركها تمام الإدراك بأنْ جعل لنا من كلّه بعض صفات نحيا بها ونستمر بل إنّها السبيل الذي يجعل المرء ينسى من هو ليدرك هو في الحقيقة العليا والصورة المثلى, فيعرف أنّه هو هو وما كان ليكون هو لولا كان هو منه هو, وبذا يُصبح المرء قادراً على أن يكون بعيداً عن الأنا لأنّه سيكون خالياً طاهراً طهرانياً من بقايا الأنا الفردانية, هذه الأنا التي ستجعله مليئاً بكل الماديات وتلك الـ هو التي ستجعله مليئاً بالمحبّة ليكون بذا قد أدرك أنّ الحقيقة هي ذاتها النعمة والتي بدورها هدية.

نعيم علي ميّا 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار