الوحدة 15-10-2022
يومياً أنباء وأخبار كثيرة عن تطورات وارتفاعات على أسعار المواد الغذائية وأشباهها، غالبيتها من بيت الحسيب والرقيب ذاته، لسنا بوارد ذكرها الآن .. بالمقابل، هناك علاوات وارتفاعات متتالية أخذت تصبّ أسعارها فوق الحليب وتوابعه الكثيرة بشكل مضطرد، وقد استقر سعر هذا السائل المحبوب (حالياً) عند ٢٥٠٠ ل.س للكيلو، وهذا الرقم الفوضوي، هل أقنع صاحب تلك البقرة أم أنّه ينتظر تطوّر آخر على أسعار العلف الذي بدوره يأخذ أطواراً أخرى من الأسعار كل حين؟.
ومن إحدى المراعي يؤكّد صاحب البقرة وولي نعمتها أن هذا الرقم٢٥٠٠ ل.س لا زال قليلاً بالنسبة لما يتم تقديمه لهذه الدّابة، حيث يُردف قائلاً : البعض ممن يمتلكون أعداداً كبيرة هناك أصبح البقر يأكل بعضه، أي القيام ببيع بعض الرؤوس لإطعام الأخريات، ويتسائل: مَن الجهة التي تعوّض علينا عندما تمرض إحدى البقرات وتموت؟ نتفقّدها في كافة الأوقات أكثر من أولادنا، وبدورنا نشاطره غلاء العلف بأشكاله وكذلك التعب المضني، لكننا نمازحه بأمور أخرى بأن هذه الدابة مستحيل أن تعيش فقط على العلف الصناعي المُدر للحليب، فهي عاشبة جداً قبل كل شيء وموسم الأعشاب يقارب الأربعة أشهر، كما أنّ هناك حيّزاً كبيراً جانب مقر إقامتها يتم فيه اكتناز الأعشاب بعد تيبيسها إضافة للتبن، ونعلم بأن صاحب عدّة بقرات (سِمان) عليه تأمين أدوية وعلف مركّز ولوازم أخرى هي مكلفة إلى حدٍ ما، لكن بالمقابل هناك اهتمام حكومي داعم لتلك العملية من خلال تقديم بعض المساعدات الغذائية بسعر التكلفة وتقديم رعاية خاصة من خلال جولات عديدة تتبناها وزراة الزراعة لتلقيح كافة القطيع ضد الأمراض والأوبئة السارية والناقلة للأمراض. بالمقابل كل ما تنتجه تلك البقرة أصبح على ميزانٍ رقمي دقيق، أسعاره خيالية ابتداءً من (زبلها) المرغوب الذي بدأ ينافس اليوريا وأخواتها المركّزة وصولاً إلى مولودها الجميل وحليبها وما يكتنز من الجبن القابع بأحلام محبيه، لكن الكلام ينتهي عند التاجر الشاري لهذا الحليب الباحث عن مردود لتجارته وتنقّله الطويل بين القرى والمزارع البعيدة بوقود مجهول الهوية، لذلك أيتها البقرة الرقطاء كوني كريمة كعادتك علّمي صاحبك القناعة، فمن عنده تبدأ ويلات الغلاء ، وآن لك الخروج من أحلام أخناتون لتعود الأمور إلى طبيعتها لتستمر دورة الحياة كعادتها .. فهل يعود الزمن للوراء قليلاً للعادة القديمة الكريمة ووصول الحليب إلى سابع جار، وهل حكمة ( من يمتلك البقر لم يفتقر) لا زالت مناسبة ؟!.
سليمان حسين