الوحدة: 11-10-2022
في الصباح خرجت من البيت في المساء قد لا أعود… فلا تغضب يا ولدي إذ ما رجعت متأخراً محمولاً في تابوت…
قد يقولون لك: قتلناه حباً بالله.. لا تصدقهم يا ولدي ، فالله لا يحب القتل..
عصراً، وإذا ما سقطت بالقرب مني قذيفة هاون، أو صاروخ أمريكي أرسلوها لنا كهبة لمساعدتنا على الموت. نحن شعوب الريح.. فلا تنتظري حضوري حتى ولو بتابوت خشبي..
***
” صرخ أحد القادة الأمريكيين:” اعطفوا على الفقراء بالقضاء عليهم”.
مثلما عطفوا على الهنود الحمر فأبادوهم
مثلما يعطفون على العالم.. كي لا ينجو من عطفهم ولو شبرٌ واحدٌ على هذه الأرض…
يالهؤلاء الأمريكان، كم هم عطوفون على إبادة الشعوب، والقضاء على الفقراء منهم؟!
***
” إن تذكرت حرفاً من اسمك واسم بلادك. كن ولداً طيباً ليقول لك الرب: شكراً:
” محمود درويش”
لن تتذكر حرفاً من حروف اسمك واسم بلادك، وأنت تصوب فوهة بندقيتك إلى رأس جارك وأخيك، وصديقك، وابن وطنك.
لن تتذكر! ما دمت تابعاً ومنفذاً لأوامر من يدفعون بك لقتل أهلك ووطنك وحبيبتك حين تتذكر أسمك واسم بلادك، وتعرف من أنت، لن تطلق النار على أحد من أبناء وطنك… حينها ستكون ولداً طيباً… لن ينساك الرب، وسيقول لك : شكراً يا ولدي الطيب… تذكر ولا تنسى حرفاً من اسمك واسم بلادك.
***
إذا ما تسنى لك أن تودع المنتظرين على قارعة العدم.. الواقفين فوق أرصفة الماضي، الجالسين تحت سماء المجهول، لوح بيدك لهم، وقل مودعاً ”
إلى اللقاء في أحد مقاهي العصر الحجري”.
***
” أغني من على سقالات العمال، التي ستصل للنجوم” هكذا يصبح الغناء منطقياً، عندما ينبض ففي عروق الذين سيموتون، وهم يغنون للحياة والسلام والأزهار.
” الأغنية التي تم غناؤها بشجاعة، ستبقى دوماً أغنية جديدة”
هكذا تصل للناس كلهم.. هكذا يبدأ كل شيء جميل” “فيكتور جارا” أربع وأربعون طلقة اخترقت جسده، وما زال صوته يصدح بشجاعة … أربع وأربعون طلقة، والأغنية ستبقى جديدة، دوماً جديدة، كأنها تُغني للمرة الأولى..
هكذا تصل الأغنية للناس كلهم، وهكذا يبدأ كل شيء جميل… من أعماق قبرك تصل الأغنية… الفقراء الطيبون، تحت رذاذ المطر ينتظرون وصول قافلة الموسيقا. فيكتور جارا من فوق سقالات العمال ستصل الأغنية إلى النجوم… هكذا يبدأ كل شيء… هكذا ستبقى الأغنية الجميلة جديدة دوماً… دوماً جديدة.
بديع صقور