فتح كتاب .. نشاط يثير أسئلة المعرفة

الوحدة : 10-10-2022

نتيجة لوجود نسخ كثيرة من كل شيء، بما فيها بعض الناس!! بحثت عن نسخة مغايرة لما ألفناه من الأنشطة الثقافية. نسخة أستطيع معها أن أستعيد الأمل بوطن آمن، وطن فيه حصة الأطفال تفوق حصص الكبار، وطن تأخذ فيه المعرفة مكانها المرموق، مكانها الذي تستحقه. فكانت زيارتي للمركز الثقافي- جمعية مكتبة الأطفال العمومية. هناك كنت والمعرض الثالث لكتاب الطفل وجهاً لوجه. وهناك أيضاً قرأت إعلان النشاط الثقافي الذي أقامته جماعة فتح كتاب على هامش المعرض. والذي يتضمن محاضرة بعنوان ( قبل أن نكتب للأطفال) للأستاذ إبراهيم الزيدي.

هذه الجماعة التي تترأسها المهندسة وصال يونس، وتتبع لجمعية مكتبة الأطفال العمومية منذ خمس سنوات، وهي تقوم باجتماع شهري يتناولون خلاله أحد الكتب بالدراسة( الأدب أو الفن أو الفلسفة أو غير ذلك). منذ خمس سنوات وتلك الجماعة تشتغل على تأسيس حالة ثقافية مغايرة. وها هي اليوم تواكب معرض الكتاب بنشاط من نوع الحدث، يسلط الضوء على طبيعة الكتاب الموجه للطفل. بدأ اللقاء بترحيب السيدة وصال يونس بالحاضرين، ومن ثم قامت بتقديم الأستاذ إبراهيم الزيدي الذي أثار الكثير من الأسئلة حول طباعة الكتب بشكل عام، وخاصة الكتب الموجهة للأطفال، فكان لقاء ثقافياً تفاعلياً حول الأسس التي يجب مراعاتها في الكتب الموجهة للأطفال، والقواعد المتبعة في ذلك النوع من الأدب. كان الزيدي كعادته حريصاً على إثارة الأسئلة، أكثر من حرصه على تقديم محاضرة يأخذ فيها دور الأستاذ، ويأخذ الحضور فيها دور الجمهور. لقد شارك الجميع بذلك الحوار، الذي أدارته السيدة وصال يونس بمعرفة ودراية. فتحدثت الأستاذة عدوية ديوب عن دور الرسم واللون في الكتاب الموجه للطفل قائلة:

( تنبع أهمية الرسوم للأطفال من كونها لغة بصرية تشكيلية مكثفة ومختزلة تترجم أفكار ورؤى الكاتب بأسلوب جاذب مليء بالحرية والحيوية والخيال بعيداً عن المباشرة  والحشو والجمود وبما يلامس احتياجات واستعدادات الطفل البصرية والوجدانية والمعرفية وذلك وفقاً لمتطلبات الشريحة العمرية المستهدفة وخصائصها النمائية.

ولا نغفل أن للأديب وجودة فكرته وأصالتها بمختلف الاجناس /السيناريو – القصة -الشعر.. / دور رئيسي في تحفيز الرسام لشحذ أدواته الفنية وصقلها للارتقاء باللغة التشكيلية والشكلية الموجهة للطفل.. حيث أن أدوات الرسام أصبحت في يومنا هذا مفتوحة على كل الاحتمالات والتقنيات اليدوية منها والإلكترونية وحتى الدمج فيما بينهما لخلق صورة بصرية جاذبة ومؤثرة لوناً وشكلاً ومضموناً ).

وتبعتها في الحديث الأستاذة ضحى جواد المتخصصة في كتابة السيناريو برأيها الذي شكل إضافة حقيقية لتلك الجلسة الحوارية، حيث قالت: (على كاتب الأطفال قبل البدء بكتابة قصته أن يحدد الفئة العمرية التي يخاطبها فالفئة العمرية تفرض الموضوع، والحجم، والأسلوب، ومستوى التعقيد، ثم يجب عليه أن يحدد شكل القصة التي ينوي كتابتها، فهل ستكون قصة في مجلة أم في كتاب مصوّر أو ربما على شكل سيناريو قصص مصوّرة علماً أن هذ النوع من القصص أو ما يسمى (كومكس) يحبُّه الأطفال جداً وينجذبون إليه. إن لكتابة السيناريو (كومكس) خصوصية ففي هذا النوع من الكتابة تقوم الصور بدور السرد، وله طريقة محددة في الكتابة فالكاتب يحول قصته إلى مشاهد متتالية وفي كل مشهد يحدد الزمان والمكان الذي تجري فيه الأحداث، ثم يصف المشهد كما يتخيله في ذهنه وصفاً كاملاً للمكان والحدث والشخصيات، ويحدد الشخصيات التي تتحدث ويكتب الحوار في المكان المخصص له، مع ضرورة الانتباه لأن يناسب الحوار الشخصية من حيث طبيعتها ونوعها وصفاتها… وبعد أن ينتهي من الكتابة يأتي دور الرسام ليحول ما كتبه الكاتب إلى رسوم ويجسد أفكار الكاتب على شكل صور ضمن كوادر محددة يظهر منها للقارئ الحوار مكتوب في بوالين صغيرة، وقد يكون السيناريو صامتاً لا يظهر فيه الحوار، حيث تكون الصورة كافية لإيصال الفكرة، وهو غالباً يستهدف الفئات التي لا تستطيع القراءة. وقد يكون السيناريو قصة واحدة أو سلسلة من القصص، ومما يميز قصص السيناريو أيضاً أنَّها لا تخلو من الفكاهة والطرافة والمغامرة والمرح. لقد استطاع إبراهيم الزيدي أن يجعل الحضور يتحدثون كلهم، كما قالت السيدة وصال في نهاية ذلك اللقاء، وهذا قلما يحدث. فإيقاظ دافع المشاركة لدى الحضور يقتضي ذكاء خاصاً، وهذا الذكاء كان واضحاً لدى مديرة الجلسة السيدة وصال يونس، والأستاذ إبراهيم الزيدي. اللافت للنظر في تلك الجلسة هو حس المسؤولية الذي كان بادياً على جميع الذين تحدثوا، وبنفس الوقت رغبتهم بأن يأخذ الأطفال حقهم من الرعاية والعناية والاهتمام المبني على المعرفة. إذ أن سوق الكتاب هو الآخر قد تعرض لنفس الانتكاسة التي تعرضت لها الأسواق الأخرى، إلا أن سوق الكتاب الموجه للأطفال ما زال بخير، وهذه بشارة.

 

ريم ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار