الوحدة :10-10-2022
خلال جولة على بعض المختصّين بإصلاح ميكانيك السيارات وصيانة صاجها وقطعها في المنطقة الصناعية، للاستفسار عن حقيقة الأسعار الّلاهبة التي يتقاضونها جراء الدخول في تلك المعركة غير المتكافئة..كان هناك محاولة إقناع بالأرقام عبر جدولة وصول القطعة إلى هنا بتلك العملة الأجنبية، يُضاف إليها تكاليف عمليات الفكّ والتركيب وكم من الوقت الذهبي استغرقت، إضافة لحساب دعمها بالشحوم والزيوت غالية الثمن، وكل ذلك عبر لقاء أحد فنيي الإصلاح ممن يتمتّعون بنفسية متعجرفة، واستهتار متعمّد بصاحب السؤال والحاجة، وكأن ذلك الميكانيكي (المدلّل) هو جرّاح بمرتبة بروفيسور، فيقول متهكّماً : تشترون بيدون البنزين بنحو ٢٠٠ ألف، تحرقونه بمشوار (سيران)، أو ثمن وجبة طعام صغيرة، وتستكترون علينا تركيب قطعة مكفولة أو طقم “كوليات” أو “بواجي” أصلي بذات المبلغ.. ويتابع عمليات الإقناع والمقارنة، ليبرّر من جديد أن ما يحصل هنا (بالصناعة) هو نفسه ما حصل على أسعار الأدوية والّلحوم والملابس وغيرها، شارحاً الوضع العام لجسده الملبّد بالزيوت المعدنية والشحوم وخطورة النوم تحت أضلاع السيارات وبدنها الثقيل، وتناول طعامه الممزوج بكافة أنواع الشقاء الأسود، مؤكداً بيقين – نحن هنا نتمنّى أن تصبح أسعار قطع السيارات بسعر التراب لأن هذا من شأنه أن يمنح أصحاب السيارات جرأة كبيرة للتصليح وتغيير معظم القطع المتهالكة قبل أوانها، وعلى أثر ذلك تعود الحركة الطبيعية إلى هذه المدينة التي لا يزورها الآن سوى المقتدرين جداً والمضطرين للإصلاح.
وعلى المقلب الآخر..بدأ أصحاب السيارت ممن نجو بامتلاك سيارة (مدعومة) يبيعون مخصّصاتهم من البنزين، وهذا الأمر شجّع الغالبية لعدم بيع سياراتهم والدخول بمتاهات الشراء للتّجديد، وهم محقّون بذلك لكي يتمكّنوا ولو قليلاً من الصمود بوجه الضائقة المعيشية الخانقة، علماً أنّ السوق قادرة على ابتلاع المزيد من البنزين حتى ولو كان (حراً) نظراً للحاجة الماسّة لذلك الترياق المطلوب بقوة لدى شرائح معينة من طبقات المجتمع، و(هؤلاء) غالبيتهم من أصحاب النفوذ التجاري والكسب الكبير، على عكس الفئة الأكبر التي لا يسعها سوى انتظار “رسالة الغفران” بعد نحو أسبوعين من الترقّب والشُرود العميق بتلك الرفاهية التي أصبحت عبارة عن مصطلح مالي بحت، يشبه الطابع الفارغ تماماً من محتواه الترفيهي الحقيقي .. فإذا توفّرت المحروقات وتحرّكت عمليات استيراد السيارات والقطع والمُعدات إلى سابق عهدها، فإن الكثير من العادات السلبية المشحونة بآلام الانتظار ستزول من تلقاء نفسها، وأهمها حجج الاستفادة من المخصّصات والمتجارة بها، وسينعكس هذا على الكثير من الحالات المصطنعة كارتفاع تكاليف الإصلاح وحججه المقنّعة، وتحريك سوق بيع وشراء السيارات الذي يكبّله جمود قسري نتيجة تذبذب الأسعار والأجور ..
يقول البعض باستغراب : في مجتمعنا عندما ترتفع أسعار المحروقات يرافقها بكل جدارة ارتفاع مقابل للمركبات، على عكس ما يجب أن يحصل بطبيعة الحال ؟!
سليمان حسين