حضارة أوغاريت أقدم أبجدية مكتوبة ورسالة إنسانية ونوتة موسيقية في التاريخ
الوحدة :7-10-2022
أكد الأستاذ عز الدين علي رئيس مجلس إدارة الجمعية العلمية التاريخية على أن مملكة أوغاريت (رأس شمرا اللاذقية) سطرت أروع صفحات التاريخ و أنصعها فكراً و عطاءً،حيث قدمت أعظم الرسائل الإنسانية في تاريخ البشرية التي خطها الإنسان السوري والتي جاء فيها : ” أيها السوري حطم سيفك و تناول معولك و اتبعني لنزرع السلام والمحبة في كبد الأرض”، جاء ذلك في المحاضرة التي ألقاها بعنوان : (حضارة أوغاريت) في سياق النشاطات الأسبوعيّة للجمعية.
مشيراً إلى أن هذه الرسالة ٣٥٠٠ق. م تعد أيقونة الفكر التي تمثل الجانب الإنساني، فحضارة أوغاريت قدمت أول أبجدية و أول نوتة موسيقية وبنت أول إمبراطورية تجارية بحرية، وسكن الإنسان الأول فيها في منتصف الألف السابع قبل الميلاد و قام فيها معبد بل والقصر الملكي.
منازلها كانت متباعدة – والحديث للأستاذ عز الدين- تصل بينها أراضٍ تزرع بالقمح والعدس و الشعير والكتان و الأشجار المثمرة كاللوز والتين والزيتون، ومن الغابات المجاورة ، كان سكانها يصطادون الماعز والخنازير والغزلان والثيران ، و من البحر والأنهار يصطادون السمك إذ كانوا يصنعون أدوات الصيد من الصوان و الأوبسيد حجارة قاسية، وطوروا الصيد البحري كما صنعوا الأختام التي لها دلالات اقتصادية مهمة.
و ذكر الأستاذ عز الدين بأن الفخار الأوغاريتي له شهرة عالمية لامتيازه بالزخرفة الأنيقة، و سكانها شيدوا البيوت المربعة و الصغيرة الحجم ، و مع ازدياد سكانها بشكل ملحوظ ازداد حجم الحجرات مثل الغرف المستطيلة والأفران الدائرية، و كذلك أقيمت الأسواق حول المجمعات السكنية وقام السكان بتربية الأغنام والماعز .
في النصف الأول من الألف الثاني قبل الميلاد ازدهرت مملكة أوغاريت و ذكرت وثائقها أن الزراعة تطورت بسهولها الخصيبة، و هذا أدى إلى تطور اجتماعي واقتصادي تمثل في المخزون الاقتصادي والفائض بالإنتاج الذي كان يتم تصريفه عبر البحر، و أيضاً ملكية الأرض وهي مرحلة جديدة برز خلالها التباين الطبقي.
وذكر المحاضر أن مملكة أوغاريت شكلت عقدة مواصلات تجارية حيث نشط فيها التبادل التجاري إما بالسلع أو بالعملات و تميزت بالملاحة وبناء المستعمرات التجارية، وانتعشت التجارة الخارجية فيها و أصبحت أوغاريت مركزاً تجارياً هاماً، أقامت علاقات تجارية مهمة مع قبرص و كريت، وهذا الانفتاح على العالم شكل عاملاً أساسياً محفزاً ساعد على اكتشاف الأبجدية الأوغاريتية.
و كسائر الشعوب القديمة عبد الفينيقيون قوى الطبيعة – كما بيّن المحاضر – و كان يطلق على كل إله بعل (السيد) وعبدوا الآلهة المؤنثة بعلين وعشتارين ومارسوا الطقوس الدينية داخل المعابد وخارجها و صنعوا للآلهة تماثيل وضعوها في زوايا المعابد و قدموا الضحايا البشرية للآلهة.
و توقف المحاضر عند جانبي التعليم و الكتابة في مملكة أوغاريت التي شهدت تحولات ثقافية فقدمت اول أبجدية مكتوبة كي تحلّ بامتياز مكان المقاطع الطويلة منوهاً بأن استخدام الرموز الأوغاريتية لم يقتصر على الكتابة بل تعداها إلى تسجيل سلم موسيقي اعتمده فيثاغورث أصلاِ للموسيقى الغربية بعد ظهورها في أوغاريت.حيث استخدم السكان العديد من الآلات الموسيقية مثل الناي، القيثارة، الطبل و الربابة.
وعرف سكان المملكة بذوقهم الرفيع حيث عثر على قطع فنية عبارة عن منحوتات من العاج و آوانٍ من الذهب عليها رسوم جميلة وقطع زينة و تماثيل ومنحوتات ومجوهرات ، و ازدهرت في أوغاريت فنون التصوير وصناعة الأختام بشكلها الإسطواني أو المسطح، و كذلك بنوا أولى الملاعب الأولمبية والمسارح والمخازن للتجارة و استخدموا الرسوم الحيوانية والخرافية ، و اعتمدت مملكة أوغاريت على شبكة خدمية متطورة من الصرف الصحي لم تنته إلى البحر حفاظاً على الحياة البحرية إضافةً إلى شبكة من الطرق المرصوفة.
تلا المحاضرة حوار بين السادة الحضور و المحاضر، و أدار محاوره الزميل الصحفي خالد حاج عثمان.
ازدهار علي