الوحدة: 4-10-2022
هل باتت محاولة التشبث بما بقي من قيم ومبادئ في المجتمع، من الصعوبة بمكان! لماذا اصبح صاحب الضمير الحي والملتزم والواعي في اتباع طريق الحق محارب دوماً؟.
إن الصراع بين الخير والشر هو صراع منذ الأزل، فهناك أشخاص متمسكون بما عندهم من رقي وسمو ومبادئ وأخلاقيات فاضلة، ترى في الحفاظ عليها صيانة للمجتمع من الضلال، فالإنسانية تجمعهم ورسالتهم الحفاظ على سلامة سفينة المجتمع المبحرة في بحر المغريات والنزوات والشهوات والشبهات، وحمايتها ممن يريد أختراقها، وبهم تصان الأوطان. وهي أيضاً مجموعة يخذلها جل الناس، ويتآمرون عليها، ويتصيدون أدق زلاتها وينشرونها على الملأ.
إن مشكلتنا اليوم مع بعضنا البعض، أن البعض منا أخذ يحشد الهمة في تصيد العثرات والهفوات من غير عناية بمقاصد الألفاظ أو إحسان الظن بقائلها، وهكذا كثير من الناس يسمع منك، ويرى من المساوئ أضعاف المحاسن، فلا ينقل المحاسن، ولاتناسبه، ويتصيد الكلمات والعبارات العفوية، ويتتبع الثغرات والزلات بعناية وينشرها في كل وادٍ ومنتدى، ليتم تداولها بإحكام، فالمنافق يركز على العثرات، والخلوق يركز على التسامح ويتجاوز الهنات ويضيء على جميل فعل الأخرين. والوضيع إذا رأى سقطة ما، أو كلمة عوراء، وجد بغيته الضالة ومايناسبها، فجعلها فاكهته ونقلها.
وحاك المؤامرات والفتن على الآخر، لجعل دفة مصالحه تسير قدماُ نحو الأمام. وهذه المجموعات هي أكثر عدداً وعديداً في هذا العصر، وأكثر ضلالاً، وتتفاوت في درجة جهلها. والحرب في هذه الأيام قائمة على أشدها بين المتمسكين بالقيم وبين المضيعين لها، وبين من نشأ على أفكار مثالية وتربى على الخلق القويم، وبين من أضاع بوصلة القيم وتناسى ماتربى عليه، وسار مع الموجة الرائجة وأصبح (ابن اليوم) بالمعنى الرائج.
وكما قال أمير الشعراء أحمد شوقي : إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ..
تيماء عزيز نصار