الخطاب النقدي في شعر “الفسبكة “

الوحدة: 29- 9- 2022

نقصد بشعر الفسبكة : النصوص والقصائد الشعرية التي ينشرها أصحابها على صفحات الفيس بوك، بغض النظر عن احتمال أن تكون منشورة في مكان آخر.

وشعر الفسبكة غزيز جداً، وبعض شعرائه ينشر يومياً، ومن الصعب على أي ناقد متفرغ أن يتابع جل ماينشر فيه، وإنما يمكن الاعتماد على مجموعة من النصوص التي تمثل شعراءها أصدق تمثيل، وعلى شعراء يمثلون الحركة الشعرية الفيسبوكية أصدق تمثيل أيضاً.

ومنذ البداية، فإن هذا المد الشعري الفائض لما يجد من يدرسه دراسة جادة ويعمل على وضع نقاط هامة على نتاج شعرائه، بل جل مافي الأمر أن هذا الشعر  زامله نوعان من النقد :

– الأول، يتمثل في الملاحظات السريعة التي تعقب القصيدة، وهي ملاحظات هزيلة، غايتها إقامة علاقة جيدة مع الشاعر، أو الشاعرة خاصة. تسعون بالمئة منها لاتتجاوز سطراً واحداً، ومعظمها يكرره أصحابها على قصائد  مختلفة لشعراء مختلفين، وكأنها ثوب مفصل على كل القصائد وعلى كل الشعراء أيضاً.ومن الغريب أن بعض الشعراء يطرب لهذا النوع من النقد، ويظن أن شاعريته اتسع نطاقها ، وأصبحت  تحظى  باستحسان كبير من القراء. ومن المفيد جداً أن يدرك هؤلاء الشعراء أن هذا النوع من النقد لاقيمة  له، وأن مضاره أكبر بكثير من فوائده، لانه يخدعهم ويعطيهم انطباعاً وهمياً أنهم شعراء نجوم.

– أما النوع الثاني من النقد الذي تتعدد مدارسه،وينبثق منه نقد تقويمي للنصوص، يستخدم فيه النقاد أدوات نقدية متطورة و عميقة تمكنهم من الدخول إلى أعماق النص لتسبر كنوزه، وتكتشف جماليته وفنيته، ومقدرته على توظيف  الرموز التي يحتويها، ومدى شاعرية لغته، وكيفية  إبداع صوره وابتكارها، واستحضاره التناص مع ذروة القصائد الشعرية المشهورة.

ثم يتولى الناقد الحصيف إظهارها  بطريقة تمكن الشاعر من معرفة الجوانب الإبداعية التي يذخر بها نصه، فيعمل على تعزيزها واستمرار العمل عليها ليتمكن من هذا التطوير .وفي الوقت نفسه يشير الناقد إلى مواطن الضعف ومكامن القصور ، سواء أكان ذلك يتصل بدونية الموضوع ، أم  في ارتكاب الأخطاء النحوية والإملائية، أم في هشاشة التناول  الذي يأتي باهتاً لا  يثير القارئ تنعدم  فيه  اساليب الإنشاء التي تعطي القصيدة حيوية وجاذبية،أم كان ذلك  في  المباشرة في الطرح  حيث يصبح الشعر شبيها بالنثر ، ويخلو من الخيال المجنح.

فيؤدي ذلك كله إلى عجزه عن اصطحاب المتلقي إلى المتابعة معه.

وعلى الضفة الاخرى، فإن المتلقي يصبح أكثر اطلاعاً و إدراكاً لكل ماذكر، فيتذوق جمال النص بصورة افضل بكثير .إن هذا النوع من النقد تعتريه  عقبات شتى، فكثير من النقاد لما  يقتنعوا بجدواه، وبعضهم يعتبره أدنى منزلة.

 د. أحمد مبارك الخطيب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار