الوحدة 24-9-2022
مشاهد يومية تتكرر ونداءات عدة مستمرة وشكاوى تترادف وتتشابه على جميع وأغلبية منابر الإعلام حول معاناة أهالي عدد من القرى البعيدة عن مركز مدينة اللاذقية من سوء الخدمات، وربما انعدامها في بعضها الآخر بدءاً من أهمها ألا وهو معاناة عدم توفر مياه الشرب، ليليها معاناة أخرى تشهد ساحاتها حالات الركض الجماعي خلف مركبات النقل (السرافيس)، ويتبعها الكهرباء (الملكة المدللة) ذات الإطلالة الخفيفة الظل.
ولكن موضوعنا هنا لن يجلب (التطنيش) عليه من قبل المعنيين إلا نتائج خطيرة سيتم لحظها لاحقاً وهو نزوح أهالي القرى وبشكل يومي باتجاه مركز المدينة بحثاً عن مقدمة أساسيات استمرارية الحياة ألا وهي (مياه الشرب) حيث تجاوزت عملية ضخها لتلك القرى ولمرة واحدة شهراً كاملاً تقريباً، كما هو الحال في قرية حبيت التابعة إدارياً لمنطقة الحفة والتي شهدنا فيها حركة نزوح لأكثر من ١٢ أسرة باتجاه مركز المدينة خلال الثلاثة أشهر الأخيرة من هذا العام، ولأسباب عدة مرتبطة بسوء الخدمات وعلى رأسها (مياه الشرب)، أضف لذلك الأسباب الأخرى المرتبطة بسوء معظم السبل المعيشية الخدمية بل انعدامها.
فلما كان مركز المدينة يكتظ بأعداد لاتحصى من الأطباء والصيادلة، نرى وجودهم ينعدم تماماً في تلك القرية إذ قد يصل المريض فيها لأشد حالات المرض مع عدم توفر أي طبيب مختص بالحالة المرضية، ولحين العثور على واسطة نقل والتي غاب عدد منها عن أنظار المعنيين لنقل المريض إلى مشافي المدينة أو عياداتها الطبية، ولن يتم الحصول بالكاد إلا على تكسي أجرة ليبدأ الخلاف في نهاية المطاف حول الأجرة ، فالمبلغ المطلوب من قبل السائق يتراوح بين (٤٠ – ٥٠ ألف ل.س)، وعلى الأرجح لن يتوفر لدى عائلة المريض الذي حكماً – نتيجة استحالة إسعافه – سيكون أصيب إما بجلطة دماغية أوالاحتمال الثاني والأكثر حدوثاً هو أنه فارق الحياة، وهنا نطرح استفساراتنا، لم هذا التهميش للواقع الخدمي في الأرياف الذي أجبر الأهالي على اتخاذ القرار الأخير بالنزوح نحو مركز المدينة بعد أن فقدوا الأمل بإيجاد حلول لمعاناتهم اليومية مودعين أراضيهم و منازلهم بحثاً عن مكان آخر تتوفر فيه تلك الخدمات وعلى رأسها ( مياه الشرب)؟
كما لابد أن نسأل جميع المعنيين بخدمات المواطن والبيئة المجتمعية بشكل عام سواء ضمن المؤسسات الأم أو المراكز الملحقة بها،
هل تصورتم حجم الكارثة التي ستنجم عن نزوح أهالي القرى نتيجة هجرهم للأراضي الزراعية و بالتالي تقليص وتراجع الإنتاج وربما تدهوره..؟ أما السؤال الشامل والأهم،
ما مدى الجاهزية والاستعدادات التي تقومون بها في ظل التضخم السكاني للمدن نتيجة تزايد عدد الوافدين لها..؟! حيث مشاهد الازدحام التي تعج بها شوارعها وأسواقها ومخابزها ومواصلاتها ومدارسها و و و و و …..
قضية لفتتنا وكثير من المعنيين بأمرها تناسوا عقباها!! فلعل وعسى نجذب الأبصار لها لتفاديها قبل استفحالها.
جراح عدره